IMLebanon

التموضع والنفوذ الإيراني في المنطقة لن يتأثّرا بأي ضربات أو اغتيالات إسرائيلية

 

 

الحرب على غزة تطوي المائتي يوم: إبادة جماعية.. وصمود أسطوري لا مثيل له

 

مائتا يوم مرّت على حرب غزة، وإسرائيل تزرع القتل والدمار والرعب في هذا القطاع، الذي أظهرت مقاومته كما سكانه صموداً أسطورياً يكاد العصر الحديث لم يشهد له مثيلاً، حيث نشهد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، من قبل الكيان الصهيوني، بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، بشكل يكشف ادّعاء واشنطن بشأن دعم الشعب الفلسطيني وحل قضيته بأنه عارٍ عن الصحة، وقد ترجم ذلك بشكل واضح من خلال معارضة الولايات المتحدة مع نهاية الأسبوع الفائت حصول الدولة الفلسطينية على العضوية في الكاملة الأمم المتحدة.

لا شك أن العدو الإسرائيلي، باستناده على الدعم الأميركي وحلفائها، لا يقوم بمراعاة أي خط أحمر في اتباعه لسياسة الإبادة الجماعية، و حتى في توسيع نطاق الحرب، ولو كان بمقدور تل أبيب القيام بعمل عسكري واسع النطاق لكانت فعلت وأدخلت المنطقة برمّتها في آتون هذه الحرب، غير أن ما يحول دون ذلك عدة أسباب منها، جيشها المتعب والمنهك جرّاء الحرب على غزة ، حيث يتلقّى يومياً ضربات قوية على الرأس من قبل فصائل المقاومة، إضافة الى أن حرب تموز وما خلصت إليه من نتائج ما زالت ماثلة أمام أعين القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل، والتي ما تزال ارتداداتها تربك الجيش الإسرائيلي الذي يرى أن أي مواجهة مع المقاومة في لبنان التي باتت تملك قدرة صاروخية وقتالية لا تقاس من حيث الفاعلية والتأثير عما كانت عليه في العام 2006، لن تكون نزهة، لا بل ستكون مكلفة جداً على كافة الصعد. كما أن هناك عاملا آخر وهو النصح الأميركي الجديّ لحكومة نتنياهو بعدم جرّ المنطقة من خلال لبنان الى حرب كبرى، لأنه سيكون هناك تهديد حقيقي ومباشر لقواعدها العسكرية ومصالحها الحيوية على مستوى المنطقة.

وقد جاء الرد الإيراني على استهداف إسرائيل للقنصلية في دمشق، وهو رد يقع في إطار الدفاع المشروع والقانون الدولي، ليكشف أن مرحلة ما بعد العدوان الأميركي على القنصلية لن يكون كما قبله، ولا سيما أن إيران كان بإمكانها أن تنفذ هذه العملية على نطاق أوسع، ولكن لم يتم استهداف سوى ذلك الجزء من المواقع العسكرية للكيان الصهيونية، الذي تم الهجوم منه على السفارة الإيرانية، وان إيران هدفت في ردّها توصيل رسالة واضحة الى من يعنيهم الأمر مفادها أن إيران غادرت منذ اللحظة التي انطلقت فيها صواريخها ومسيّراتها الأراضي الإيرانية باتجاه الأهداف المحددة داخل فلسطين المحتلة مربع الصبر الاستراتيجي الذي تميّزت به على مدى عقود، الى مربع الردع المباشر، وأن تموضعها في المنطقة لن يتأثر بأي ضربات، ولا سيما ان إيران أثبتت على مرِّ عقود من الزمن انها لاعب أساسي وقوي في المنطقة لا يمكن تجاوزه، بعد أن اكتسبت نفوذاً في السياسة الخارجية في مسار طويل من الصبر والمواكبة، وقد أظهرت إيران فعالية في المسار الدبلوماسي سواء في المفاوضات النووية أو في احتواء النزاعات الخارجية، وقد نشط ذلك خلال عملية «طوفان الأقصى» وسعيها الدؤوب في وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني إضافة الى دعمها العلني لفصائل المقاومة.

ومما لا شك فيه أن إسرائيل كما أميركا فهمت هذه الرسالة جيداً، ولا سيما أن طهران التي منذ اليوم الأول أعلنت انتهاء الرد أبلغت رسالة لتل أبيب عبر بعض الدول بأن خارطة المنشآت النووية الإسرائيلية موجودة لدى طهران ومن الممكن في أي وقت تقوم به إسرائيل بارتكاب حماقة داخل الأراضي الإيرانية أن تكون هذه المنشآت هدفاً سهلاً لصواريخها.

ووفق متابعين أن عجز مجلس الأمن وعدم إدانته للهجوم الإسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق جعل الخيار الوحيد المتبقّي أمام إيران هو الدفاع المشروع عن النفس ومعاقبة إسرائيل، وهي بالتأكيد ستكرّر ما قامت به وربما على مستوى أوسع وأقصى في حال لم ترتدع إسرائيل وعادت وقامت بأي اعتداء على المصالح الإيرانية في أي مكان من هذا العالم.