IMLebanon

أما آن للنائب العام المالي  وضع يده على ملف الضمان؟

لو بُعِث الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب حيّا، فماذا كان سيقول عما آلت إليه مؤسسة الضمان الإجتماعي الذي تأسس في عهده؟

وماذا كان سيفعل حيال الدَرْك الذي وصل إليه؟

وهل كان سيستحلف الناس أن يتوقفوا عن الصراخ من الشكاوى التي يرفعونها حيال هذا الجهاز؟

أكثر من نصف قرن على تأسيس الضمان، ولكن بدلاً من أن يتقدَّم فإنه تراجع قروناً! بشهادات وزراء ومختصين ومواطنين.

من اللواء فؤاد شهاب إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم الذي يمتلك معظم الملف عن الفساد والإهدار في الضمان:

تزوير براءات ذمة، ومنها براءة ذمة لإحدى كبريات شركات وكالات السيارات، والملف في حوزة القاضي إبراهيم ضبط رشاوى بالملايين لإنجاز المعاملات، وسرقات أيضاً بالمليارات كما حصل في مركز شكا حيث تم اختلاس ما يقارب الملياري ليرة، التلاعب بالأوراق والمستندات، التأخير في إنجاز المعاملات من دون أيِّ مسوِّغ منطقي، كما كان يحصل في مركز الدورة، فالفواتير التي تُقدَّم يتم التأخر عمداً في دفعها إلى أن تفقد قيمتها القيمة الشرائية.

الحقيقة عند القاضي ابراهيم كما هي لدى فرع المعلومات الذي حقق في ملابسات الحريق المريب في محفوظات قسم براءات الذمة منذ قرابة العامين في كورنيش المزرعة، وكيف تزامن هذا الحريق مع بدء إنبعاث الروائح الفضائحية عن إعطاء براءات ذمة غب الطلب!

أكثر من ذلك، الموضوع متكامل، فالمسألة لا تقتصر على تزوير براءات ذمة بل على إنتحال صفة مرضى مضمونين وتزوير فواتير وتقديمها بالتواطؤ بين أطباء وموظفين في الضمان يتمتعون بحمايات، وهذا كله يؤدي إلى إهدار بمليارات الليرات وهي أصلاً أموال المواطن اللبناني وليس الضمان سوى مؤتمن عليها. وهنا يسأل المواطن:

أين التفتيش لا يضع يده على الضمان لحفظ أموال الناس التي تذهب هدراً؟

هناك إهمال وهناك تقصير، فأين الإدارة التي لا هم لها سوى الضغط على الشركات والمؤسسات بغية إفقارها، لا تركها في حالها تعاند الظروف من أجل الصمود والإستمرارية؟

هناك مَن يدقُّ ناقوس الخطر بالنسبة إلى واقع الضمان، ويدعو وزير العمل سجعان قزي إلى وضع يده على كلِّ ملفاته ويطالب بإدراجه كبند مستقل على جدول أعمال أقرب جلسة لمجلس الوزراء، لأنَّ أموال المضمونين يُخشى عليها من الضياع. وحين يتم وضع اليد على الملف فإن المسؤولية يمكن أن تطال الجميع من دون إستثناء بين التورط والحماية وغضِّ النظر، وهذه الحبكة الجهنمية من شأنها أن تؤدي إلى ضياع الأموال.

والمسؤولية هنا لا تقع على وزير العمل بل ان وزير الصحة وائل ابو فاعور الجاهد والصابر والمؤمن بسلامة المواطنين ولديه الباع الطويلة في مقاربة هذا الملف، فهو الذي سبق ان طرح جملة من الاسئلة في ندوة اقامها الحزب الاشتراكي، ومن هذه الاسئلة:

– هل يعقل ان تبقى بعض الوساطات والسمسرات تحول بين المواطن وحقه؟

– هل يعقل ان يكون مجلس ادارة الضمان مؤلفاً من 24 أو 26 شخصاً ولا يستطيع ان ينعقد؟

– هل يعقل ان تختزل اللجنة الفنية بشخص وتستطيع القيام بدور الرقابة والمحاسبة الصحيح؟ هل يقبل الضمان باستمرار هذا الافتناع العام أو هذا الانطباع العام عنه حول ما يكشفه من هدر وسمسرات؟

هذا كلام لوزير الصحة وائل ابو فاعور، فهل سيقرن كلامه بالتحرك؟ ومتى؟

وكما وزير المال علي حسن خليل الذي سبق له أن باشر فتح ملفات مشكوك فيها في أكثر من إدارة، فقرر إقتحام مغاور سواء في المرفأ أو في المطار أو في الدوائر العقارية، وقد أبلى بلاءً حسناً، حيث لم يجرؤ الآخرون.

لذلك الموضوع شائكٌ وكبير ويحتاج إلى جرأة وغطاء سياسي، وإذا ما فتح هذا الملف، فانه يكون قد لاقى وزير الصحة في منتصف الطريق فالقطاع الإستشفائي يبدأ بالمستشفيات وينتهي بالضمان، ولا تجوز البداية من دون الوصول إلى النهاية التي هي عند الضمان.

الملفات موجودة، وما على النيابة العامة سوى البدء بفتحها وعدم إغلاقها إلا بعد الكشف عن كلِّ مستورٍ فضائحي.