IMLebanon

«استراحة المحارب» وخيار الشارع يبقى قائماً

لم تحجب «استراحة المحارب» التي كرّستها موجة المواقف السياسية الأخيرة لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، المفاعيل القوية التي أنتجها حراكه الميداني في الشارع على الستاتيكو القائم منذ نحو عام ونصف على الساحة الداخلية، ومن أبرزها تغيير مسار الأحداث الراكدة في ضوء التطبيع الملحوظ لواقع الشغور الرئاسي. فردود الفعل القوية التي تخطّت سقف المراوحة السائدة على هذا الحراك، والتي أتت من حلفاء «التيار الوطني الحر» قبل خصومه، استدعت وقفة وعملية مراجعة نقدية سريعة من قبل كل الأطراف السياسية المسيحية في فريق الثامن من آذار، لإعداد استراتيجية المواجهة المقبلة، والتي لن تلغي ورقة تحريك الشارع من حساباتها، بل ستبقيها قائمة وجاهزة للتلويح والضغط بها إذا ما فشلت المبادرات السياسية المرتقبة. وتكشف أوساط سياسية في 8 آذار عن مرحلة التقاط أنفاس أو استراحة لإعادة تقييم ما حصل يوم الخميس الماضي، والذي، وبصرف النظر عن أي موافقة أو اعتراض على جدواه، قد اثبت أن تحريك الستاتيكو الجامد لا يتم فقط من خلال الحوار في الكواليس، بل من خلال الحديث بشكل صريح، وتسمية الأشياء باسمائها من قبل القوى المسيحية، ذلك أن خسارة أي طرف مسيحي، سينعكس على الجميع، ولأي فريق انتموا إن الى 8 أو 14 آذار.

وفي سياق متصل، تشير الأوساط السياسية نفسها، أن الخلافات التي برزت أخيراً، لم تتخطَّ حدود التمايز في الموقف بين طرحين أساسيين لـ «التيار»: الأول طرح الفيديرالية الذي جرى توضيحه لاحقاً من قبل العماد عون، بعد انتقاد لافت من قبل رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية. والثاني توقيت استخدام ورقة الشارع في اي تحرّك سياسي، ورفض أي حراك ميداني خارج اي استراتيجية متّفق عليها بين «التيار» و«المردة»، وخصوصاً قبل حصول الإنتخابات الرئاسية.

وإذا كانت هذه التمايزات التي ظهرت إلى العلن قد ساهمت في بلورة صورة العلاقة ما بين الرابية وبنشعي لجهة تحصينها من خلال تأكيد الجهتين على متانة التحالف، كما قالت الأوساط في 8 آذار، فإن ما لم يطرح علانية، ما زال موضع تشاور واتصالات ومراجعة بين كل أطراف هذا الفريق، ومن الممكن اختصاره بنقطتين بارزتين، هما التمسّك وحماية الحكومة والمؤسّسة العسكرية، والسعي إلى تفعيل مجلس النواب من خلال الذهاب نحو «تشريع الضرورة». واضافت أن الظروف المحيطة بلبنان تفترض تعاوناً وتنسيقاً بين كل الأطراف من خلال حوار مسيحي صريح، وذلك مع تسجيل أكثر من تحوّل على الساحة الإقليمية، ستكون له انعكاسات على الإستحقاق.

وفي هذا المجال، كشف رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، والذي كان قد جال على المرجعيات السياسية المسيحية في الأيام القليلة الماضية، واطّلع على طبيعة التنسيق بشأن مقاربة المرحلة المقبلة، أن خيوط الإتصال ما زالت قائمة بين الأقطاب المسيحيين، ولم تتأثّر بالوقائع الميدانية لتحرّك «التيار الوطني الحر» وموجة ردود الفعل عليها. وأكد أن أكثر من مؤشّر قد برز أخيراً، يدلّ على أن عواصم القرار الإقليمية والغربية المعنية بالإستحقاق الرئاسي، قد عادت إلى الإهتمام بهذا الملف من زاوية تطويق أي مشكلة سياسية داخلية قد تؤدي إلى أزمة حكم في لبنان أولاً، وثانياً من زاوية الإعداد لحسم هذا الإستحقاق في الاسابيع المقبلة، وذلك في ضوء افتتاح القادة الموارنة مرحلة جديدة من التعاطي السياسي مع بعضهم البعض من خلال الحوار العوني ـ القواتي على سبيل المثال، ومن خلال ظهور التمايز في مقاربة العلاقة بين المسيحيين وشركائهم في الوطن، في موازاة اتفاق كل القادة المسيحيين على أولوية التعايش والشراكة والوحدة الوطنية.