IMLebanon

من الأرض المحروقة الى القلوب المحروقة

 

 

بينما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستحضر العبارة الشهيرة التي أطلقها الراحل الكبير غسان تويني: «حروب الآخرين على أرض لبنان»، أمس في مؤتمر باريس من أجل وطننا المعذّب، كان العدو الصهيوني يمضي في مخطط «الأرض المحروقة» في الجنوب والضاحية والبقاع، وكانت ألسنة حريق هذه الحرب تستعر لتأكل الأرزاق وتقطع  الأعناق، وتحرق القلوب على الشهداء الذين يتساقطون في كل مكان… والأخطر أن المايسترو الأميركي كان يحرق مؤتمر باريس ذاته بالتعامل معه بفوقية لافتة من خلال تمثيله فيه بموظف بدلاً من وزير خارجيته أنطوني بلينكن الذي وقّت زيارته الى المنطقة (المملكة العربية السعودية ودولة قطر) مع بدء الأعمال في باريس… وهذا نهج درج عليه «الأنكل سام» حتى من قبل نشوب هذه الحرب الملعونة بثلاث سنوات على الأقل، منذ مبادرة ماكرون اثر انفجار المرفأ، فلم تعدم واشنطن وسيلةً إلّا استخدمتها لعرقلة ذلك المسعى الفرنسي الذي مُني بالفشل، مراراً وتكراراً، لاسيما لجهة حضّ الأميركي «أصدقاءه» في لبنان على عدم التجاوب مع المسعى الباريسي الذي لم يبقَ منه سوى بعض إطلالات جان – ايف لودريان على وقع الأغنية الفيروزية (التراثية): «زوروني كل سنة مرة، حرام …».

 

أمّا وقد استهلّينا هذا المقال بالكلام على الحريق، فالأبدع أن المستر بلينكن كان يحرق الأعصاب، أمس، وهو يتحدث من الدوحة (تكراراً بالتزامن مع مؤتمر لبنان في العاصمة الفرنسية) عن أن الولايات المتحدة الأميركية ستحقق (لتتحقّق) ممّا إذا كان الصهاينة يتعرّضون للصحافيين في غزة. والسؤال هو كم يلزم أن يسقط من مئات شهداء مهنة البحث عن المتاعب، في القطاع المنكوب، ليتحقق بايدن وإدارته من تعرضهم للاعتداء؟!. وأيضاً للتحقق من أن الحرب الوحشية تحصد عشرات آلاف المدنيين الذين يراهم العالم كله، ولكن يصاب الأميركي بالعمى اتجاههم! والأنكى، للتحقق من أن بنيامين نتنياهو عرقل ويعرقل المساعي للتوصل الى وقف إطلاق النار ولم يكن السنوار هو الذي فعلها! نقول الأنكى لأنه لم يمر طويل وقت على المبادرة المشتركة الأميركية/الفرنسية، التي عُرِفت بِـ «مبادرة بايدن – ماكرون» وتلقفتها بالإيجاب الأطراف جميعُها، بما فيها حماس، ورفضها نتنياهو علناً، وعلى أثرها أعلن البيت الأبيض أنه مستاء من تصرف «بيبي». فماذا أكثر من ذلك؟!.

 

ولسنا ندري ما إذا كان «الأميركي البشع» سيرأف قليلاً بوطننا، هذه المرة، على الأقل في الشأن الإنساني.