فيما يستمر الربيع العربي حروبا متنقلة، تبدو الحرب الصهيونية على المسجد الاقصى وكأنها مكملة لما حصل في كل من مساجد السعودية والكويت والبحرين، اضافة الى حروب الحديد والنار في كل من سوريا والعراق واليمن وهي تعادل الحروب العادية لجهة كثافة النازحين السوريين والعراقيين واليمنيين ممن لم يعودوا يعرفون الى اية جهة يقصدون جراء تفاقم ازمات الوجود في الدول المشار اليها وثمة من يحسد لبنان على الوضع الذي هو فيه، الى حد القول «ان حربنا مع النفايات والكهرباء والمياه لا تقاس نسبيا بمشاكل غيرنا وحروبهم»!
والذين يعملون على تطوير الحرب في كل من سوريا والعراق واليمن يتجاهلون اين يمكن ان يصلوا في حال توجهوا مجتمعين الى اسرائيل لانقاذ فلسطينهم الضائعة وتلك المناطق التي تتوجه نحو الضياع الصهيوني جراء تهويد البقية الباقية من فلسطين حيث ينشط العدو الاسرائيلي في حربه الكريهة المجرمة ضد المقدسيين، من غير ان يتحرك عربي واحد في السلطتين السورية والعراقية وبين الانقلابيين اليمنيين ليقولوا ان فلسطين موجودة في حساباتهم العربية العامة والخاصة وكي لا يقال انهم صرفوا النظر عن فلسطين من غير حاجة الى استردادها من الاحتلال الاسرائيلي البغيض!
واذا كان من مجال لكلام على «داعش» و «النصرة» فان التنظيمين المشار اليهما لا يبدوان في وارد من يذكرهما بفلسطين وبالعدو الاسرائيلي طالما ان حروبهما محصورة في سوريا والعراق وليسا بحاجة الى من يقول لهما ماذا تشكل فلسطين بالنسبة اليهما من دولة او مشروع دولة يهودية على حساب فلسطين وشعبها، وهذا امر واقع لا مجال للخوض فيه في حال كان اعتداء على المسجد الاقصى او اي اعتداء تشكله الحرب الصهيونية بالنسبة الى المقدسات المسيحية والاسلامية (…)
وما يقال عن «داعش» و «النصرة» يقال مثله واكثر عن الغرب الغارق في مصالحه السياسية والاقتصادية حيث لا يعني لهم الاعتداء على المقدسات شيئا بدليل الصمت المطبق الذي يلازم الجرائم التي ترتكبها اسرائيل في طول فلسطين وعرضها منذ سنين طويلة، ربما لان ارتكابات هذه الايام لا تقاس بما تعرضت له فلسطين من يوم مزقها وعد بلفور الذي اعطى اليهود وطنا وارضا وارثا سياسيا ليس لهم فيه من شيء واقعي.
ثمة من لا يزال يضحك على العرب من خلال قول الاعلام الاجنبي ان مستشارة المانيا بكت يوم شاهدت جثة الطفل السوري النازح على شاطئ البحر بعدما لفظته الامواج، اثر غرق قارب يضم المئات من النازحين، فيما لم يقل الاعلام المشار اليه كيف شعرت المستشارة ميركل عندما شاهدت قوى الاحتلال الاسرائيلي وهي تقتحم المسجد الاقصى بذريعة تحدي الشباب الفلسطيني لقراراتها الجائرة اضف الى ذلك ان دولة اجنبية واحدة لم يصدر عنها ما يشير الى امتعاضها من مرأى الجيش الاسرائيلي وهو يطارد المصلين داخل المسجد بالرصاص والقنابل الصوتية ليس لشيء بل لانهم رفضوا مغادرته ايمانا بانه موقع ديني!
واللافت في هذا الخصوص ما قيل على لسان الناطق الرسمي بلسان البيت الابيض من كلام للرئيس باراك اوباما مفاده ان ممارسات اسرائيل غير محقة (لم يقل جانية) ربما لانه لم يشاهد ما كان الجيش الاسرائيلي يمارسه داخل المسجد الاقصى!
ليس المطلوب من ميركل او من اوباما التعليق بالكلام على ما يجري في فلسطين المحتلة، بقدر ما يتطلب الامر موقفا فاعلا يسمح بالقول ان في العالم حكاما يفهمون حقيقة ما يتعرض له شعب فلسطين خصوصا والعرب عموما من وراء اقتحام المسجد الاقصى بقوة السلاح من دون وازع ضمير لاسيما ان المسجد من ضمن المقدسات الواجب احترامها كأي موقع ديني، وهذا لم يحصل لان العالم قد وضع يديه على عينيه ولم يعد يريد ان يرى او يعرف ماذا يحصل في فلسطين من دون حاجة الى التوقف عند الاعتبارات الدينية!
يبقى القول ان «داعش» و «النصرة» هما من مكملات الردة الصهيونية في العالم العربي المنشغل بحروب ذاتية عبثية من المستحيل ان يخرج منها حيث لا رغبة وطنية بذلك، طالما ان العرب منصرفون وراء حروبهم ولا حاجة لان يتذكروا حروب اسرائيل عليهم؟!