IMLebanon

هل تُولّد أزمة النفايات انفجارات أمنيّة؟

 

الحَراك يُندد بـ«حكومة بَيع الكلام والدعم المَوهوم»

 

يختصر المشهد الفضائحي متعدد الأوجه في البلاد، حالها اليوم والتي بات مؤسفاً اتجاهها نزولاً من دون مكابح نحو هاوية بلا قعر!

 

اقتصاد ينهار، أمان اجتماعي يُفتقد تدريجيا، صراع سياسي مُستعر بين قوى لم تتعظ من انتفاضة اللبنانيين في 17 تشرين، تتحاصص بجنون على مائدة فارغة بينما يقترب اللبنانيون من الجوع ويدق الفقر المُدقع الأبواب بجنون.. ولا من يسأل!

 

في خضم كل ذلك، يتحدث وزير الطاقة عن مازوت «يتبخر» مُعبدا الطريق أمام أزمة مستديمة للكهرباء، بينما يتخذ وزير آخر صفة الإدعاء الشخصي على من قام من «جماعته» بالاعتداء في شكل صارخ على مُنتفضي الساحات!

 

وكأنه لم يكف اللبنانيين كل ذلك، ووسط بطالة متفاقمة وغلاء وحشي للأسعار في غمرة ما يتردد عن لعبة تنزيل وتصعيد للدولار، تتسلل أزمة نفايات لم يتعظ المسؤولون من كون أنها ولّدت الانتفاضة الشعبية منذ ظهورها قبل سنوات خمس لتؤسس للحراك الأكبر العام الماضي.

 

فيدرالية الجمع!

 

تبدو المسؤولية كبيرة جدا على مجموعات الحراك الشعبي التي لا زال بعضها في الشوارع تنديداً بما يحصل. ويبدو أن التحركات تتجه نحو غضب شعبي متفجر في حال استمرت ازمة النفايات في استعادة للمشهد الماضي.

 

ويؤكد القيادي في الانتفاضة المحامي علي عباس لـ«اللواء»، أن أزمة النفايات لم تصل الى الحل كما يتردد. لقد أجبروا العاملين في مناطق معينة على النزول للمّ النفايات مع أنهم لا يقبضون اموالهم ومعظمهم من الاجانب الذين يحتاجون الى الدولار، لافتا النظر الى ان «لا عدد كاف للموظفين في مجال النظافة في ظل حجر على عدد كبير منهم وهو الأمر الذي يلقى اعتراضا من سفاراتهم التي تطالب بحجرهم في اماكن لائقة، علما أن ثمة نية لدى عدد لا بأس منهم في المغادرة». والبلديات باتت تلجأ الى جمع ذاتي للنفايات مثل أيام الماضي في فيدرالية طوائفية!

 

يترقب عباس تفجر الشارع «بين دقيقة وأخرى في ظل الأزمات القائمة كما حدث في 17 تشرين حين تفجر المزاج الشعبي في لحظة ما بعد كل التراكمات والمسار الحاصل»، في ظل احتمال انفجارات أمنية قد تحصل «فالمواطن الذي وصل الى درجة غير مسبوقة من الاحتقان قد يلجأ الى تنفيس مكنوناته في أعمال عنفية قد تتخذ أوجهاً متعددة، إذا لم يتمكن من التعبير عن غضبه عبر الاحتجاج في الشارع».

 

دعوناكم إلى عدم تصديقهم!

 

تمر الانتفاضة في مرحلة دقيقة في مسارها الطويل الذي لن يؤتي نتائجه الكبيرة في الفترة الحالية، وقد يتخذ المسار زمنا طويلاً وربما أجيالاً حتى تظهر الإنجازات في مواجهة شبكة سلطوية سياسية وإقتصادية وأمنية متشابكة. لكن «الثورة» لن تحيد عن مطلب الحكومة المستقلة كون هذه الحكومة الحالية ليست سوى انعكاساً للطبقة السياسية الحالية كما يؤكد عباس.

 

يوم بعد الآخر، يتبدى أن الانتفاضة تحصد دعماً لا متناهياً من ارتكابات السلطة وأخطائها والتي كان آخرها الاعتداء على القيادي في الحراك المحامي واصف الحركة والذي يصفه الحراك بالاعتداء الموصوف على حياته.

 

لا شك لدى الحراكيين من نية مبيتة من قبل السلطة لتوجيه رسالة ذات مغزى عبر اعتداء مؤذٍ أريد منه ربما تصفية قضية الحركة مع إنهاء حياته. وكان لافتا للانتباه موقف نقيب المحامين ملحم خلف الذي طالب وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية الذي اتهمه بالمسؤولية عن بعث مستهدفي الحركة، بالاستقالة.

 

لا بل أن خلف ذهب في تبني مطالب الانتفاضة الى حد الدعوة الى التحقيق الجنائي في الأموال التي نُهبت، وهو ما دأب الحراك على المطالبة به وما يمثل «مرحلة متقدمة سيُبنى عليها مستقبلاً» حسب عباس.

 

ويشدد على أن الموضوع الاقتصادي في البلد خطير جدا، «فوزير الاقتصاد بدا فاشلا وخاصة بعدما تبين وَهم موضوع الدعم الذي خرج به»، بينما يزيد سعر الدولار باستمرار ما سيحول دون إفادة هذا الدعم الذي لن يزيد في موازاة هذا السعر!

 

هي إذاً «حكومة بيع الكلام» على حد تعبيره. كنا ندعو منذ اليوم الاول الى عدم تصديق هذه الحكومة في مواجهة الذين يطالبون بتوفير الفرصة لها».

 

وبالنسبة الى الحراكيين، فإنها حكومة ذات صلاحيات محدودة لا تستطيع التحرك خارج حدودها نتيجة عجزها ناهيك عن قدرتها على التغيير. هم شخصوا سبب البلاء في البلاد في «المنظومة الحاكمة» التي لا زالت تسيطر على الحكومة «وقد احترقت في الشارع وليس أدل على ذلك أكثر من الوزير مشرفية الذي فقد هيبته».

 

وبعد مرحلة من الركود أثارت تساؤلات حول جديّة المجموعات برمتها لاستكمال الانتفاضة، يلفت عباس النظر الى أن تحركات الأيام الاخيرة كانت أكثر غزارة شعبية من سابقاتها.

 

والبلاد على موعد مع تحركات كثيرة مقبلة ستتخذ إحداها شكل مسيرة غداً انطلاقا من منطقة الأشرفية، ومن مقر إذاعة «صوت لبنان» تحديدا حيث تم الاعتداء على الحركة، في اتجاه وزارة الشؤون الاجتماعية في منطقة بدارو مرورا بمنطقة العدلية، تحضيرا للتحركات المقبلة التي بدو أنها ستتخذ مساراً متصاعداً في ظل العجز الوضاح لدى السلطة على الإنجاز.