وكأنَّ تشكيل الحكومة يحتاج إلى جرعة عراقيل جديدة، حتى جاء شرط إعادة العلاقات مع سوريا ليلقي بثقله على ملف عملية التشكيل.
الرئيس المكلَّف سعد الحريري قالها بالفم الملآن:
إذا كانوا يريدون تطبيعاً مع النظام السوري فليفتِّشوا عن رئيس حكومة غيري.
جاءه الرد:
لا تتسرَّع. وجاء ردٌ آخر: أنت رئيس مكلَّف ولست حاكم لبنان.
وجاءته جرعة دعم من الحزب التقدمي الإشتراكي الذي قال عبر مصادر له:
طريق السراي لا يمكن أن يمرَّ من دمشق، وحتماً زمن الوصاية السورية وتشكيل الحكومات في عنجر قد إنتهى إلى غير رجعة.
في المقابل، دعاة إعادة العلاقات مع سوريا يواجهون المعترضين بالمنطق التالي:
كيف تريدون إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم من دون الحديث مع النظام السوري؟
كيف سيتم نقل المنتوجات الزراعية والصناعية والترانزيت عبر سوريا من دون الحديث مع النظام السوري؟
كيف سيشارك رجال الأعمال والمستثمرون اللبنانيون في إعادة إعمار سوريا من دون عقد اتفاقات مع إدارات ووزارات سورية؟
كيف يتمُّ استجرار كهرباء من سوريا من دون الحديث مع الوزير المختص في سوريا؟
وغيرها وغيرها من الأسئلة في معرض الدفاع عن إعادة العلاقات مع النظام السوري.
لكنَّ الردَّ سرعان ما يأتي وفق المنطق التالي:
العلاقة مع سوريا تتمُّ عبر الأمم المتحدة التي ترعى شؤون اللاجئين، وعبر روسيا التي أطلقت مبادرة لإعادة النازحين، وجاء وفد رئاسي منها إلى الدول المعنية بشؤون النازحين أي الأردن ولبنان وتركيا.
كما أنَّ إعادة الإعمار ستتمُّ وفق موافقات دولية، أميركية وروسية تحديداً، فكفى تهويلاً بشرط العلاقة مع سوريا لتسهيل تشكيل الحكومة.
لكن بين هذين المنطقين، أين يقف المواطن العادي؟
إنَّ السجالات حول نقاط معينة، والتقاذف بالملفات يمكن أن يستمر إلى ما شاء الله، ولكن ماذا بعد؟
هذا المواطن الذي يتمنى أن يطول شهر آب، قدر المستطاع، لئلا يتورط في شهر أيلول، شهر المدفوعات والإستحقاقات المالية. يتمنى المواطن أن يطول شهر آب لأنه يجد فيه حركة سياحية بامتياز وانتعاشاً إقتصادياً لا بأس به، فالطرقات مزدحمة والمطاعم ممتلئة والمسابح مكتظة وأماكن السهر في الجبال والسواحل تبقى حتى ساعات الفجر الأولى… كل هذا دليل عافية، لكنه ينتهي بعد أسبوعين على أبعد تقدير، فماذا يفعل المواطنون بعد ذلك؟
ماذا سيقول لهم المسؤولون؟
هل سيقولون لهم إننا ما زلنا نفتِّش عن المنطق لنواجه بعضنا بعض في ملفات تشكيل الحكومة؟
إن أسابيع البَرَكَةْ تكاد أن تنتهي، ولكن ماذا عن الأسابيع العُجاف التي ستلي؟