IMLebanon

حكمة التأجيل

أسبوع المواعيد السياسية والدستورية الطالع حافل من طاولة الحوار الوطني اليوم الاثنين، الى الجلسة الرابعة والأربعين لانتخاب رئيس الجمهورية بعد غد الأربعاء، الى خميس مجلس الوزراء المهدّد بالمقاطعة العونية.

أعقد هذه المواعيد جلسة الحوار المقررة اليوم، فتيارات ١٤ آذار وثورة الأرز عادت لتلتقي تحت مظلة رفض السلة المتكاملة التي اخترعها حزب الله، ويتولى الرئيس نبيه بري تسويقها بحماس، فيما صاحب السلة يضعها شرطاً قاطعاً للوصول الى انتخابات رئاسية بنصاب كامل، وبين الدجاجة قبل البيضة أو البيضة قبل الدجاجة، لن تكون جلسة الحوار المقررة اليوم، أكثر دسامة من سابقاتها الفاشلات.

الرئيس ميشال سليمان أكد من الديمان عدم جواز تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، ثم ادعاء الميثاقية، لكن هذا المنطق السليم، لا مكان له في سوق الضلالة الاقليمية حيث النسر عنزة، حتى لو طار… واذا لم تشكّل الميثاقية الحيثية المقنعة، للطعن بجلسات مجلس الوزراء المنعقدة بمعزل عن وزراء تكتل التغيير والاصلاح، أو مقرراتها، مثلاً فان جهابذة التنظير الدستوري جاهزون لاستنباط ذريعة أخرى، المهم إبقاء الوضع السياسي على درجة حرارة القابضين على عنق الرئاسة اللبنانية عن بعد أو قرب، ريثما تنضج التسويات الدولية وتتم المحاصصة الاقليمية.

وتؤكد الأوساط النيابية ان جلسة الحوار ستنعقد بنصاب مقبول، التيار الوطني الحر سيتمثّل برئيسه الوزير جبران باسيل، وحليفه اللدود تيار المردة سيحضر من خلال رئيسه النائب سليمان فرنجيه.

واللافت ان الوزير باسيل سيصحب معه رزمة ملفات دالوزية تدعم وجهة نظره الحقوقية من الميثاقية التي يريد ان يجعلها غطاء لمقاطعته مجلس الوزراء، وجملة اعتراضية بوجه المقررات الوزارية المتخذة بغيابها.

أما النائب فرنجيه فمشاركته الشخصية، لتأكيد الحضور والحيثية، وتالياً الاثبات الى من يعنيهم الأمر انه على ترشيحه للرئاسة مقيم، مهما تغيّرت الظروف وتبدّلت الأحوال، وطالما لم يقل له أحد كشّ ملك…

واذا كان حوار اليوم كحوار الأمس، حوار من أجل الحوار، بانتظار فرص الحلول الضائعة، فان جلسة الانتخاب الرئاسية المنتظرة بعد غد الأربعاء، لن تأتي نتائج أفضل، طالما ان الضوء الاقليمي ثابت على الأحمر.

يبقى الخميس بارومتر المرحلة، هل سيسمح المتوجسون من التأجيل الحكمي لتسريح العماد جان قهوجي لمجلس الوزراء، بمتابعة آلية التأجيل دون عقبات أو افتعالات، أم اننا أمام فالج لا تعالج؟…

أوساط نيابية مسؤولة، واثقة من ان لا مصلحة لأي طرف بتعقيد الوضع الحكومي الى درجة الاختناق، وتسمي الأوساط تكتل التغيير والاصلاح، كأحد هذه الأطراف، صاحبة المصلحة في حماية الحكومة من السقوط، بالرغم من حالتها الرثّة، وقابليتها للانهيار، لأن التكتل يدرك، كما يدرك حلفاؤه بأن حكومة سلام، ممنوعة من السقوط، وممنوع القفز فوقها، وان حديث التيار الحر عن قلب الطاولة والتهديد بالشارع، مجرد ردّ فعل انفعالي، لا يمكن اعتماده كمقياس للمرحلة التالية، فالتيار يعلم علم اليقين، ان الطاولة التي هدّد بقلبها، وهي طاولة مجلس الوزراء، غير قابلة للاهتزاز كونها العنوان الكبير للاستقرار الذي وضعه الأميركيون، خلال محادثاتهم المتعددة مع العماد جان قهوجي، في موقع الضمانة، لمواصلتهم رفد الجيش اللبناني بالأسلحة والذخائر ودون حساب، وبما اننا في مرحلة ترقّب وانتظار، فان حكومة المصلحة الوطنية، على معاناتها مع أرباب اللعبة الاقليمية ووكلائهم المحليين، تبقى الوسيلة الدستورية الوحيدة لاستمرار الدولة، ولو على قاعدة التأجيل، تأجيل الملفات الخلافية، وتأجيل تسريح العماد قهوجي والمجلس العسكري، وكل ما من شأن تغييره هزّ الاستقرار المطلوب دولياً بإلحاح.