Site icon IMLebanon

كلام أميركي جديد

الاثنين المقبل في العشرين من نيسان الجاري، وهو الموعد الثامن والثلاثين الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه برّي لانتخاب رئيس جمهورية، لن يكون مختلفاً عن سابقاته لجهة عدم اكتمال النصاب، وتفرّق النواب بعد الهمروجة التي اعتاد عليها اللبنانيون على مدى السنتين السابقتين في عمر الشغور في الموقع الدستوري الأوّل في الجمهورية.

القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز الذي قام بجولة على عدد من القيادات اللبنانية عشية موعد الجلسة، شملت الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط، استبق الجلسة الانتخابية ليؤكد بأن هناك شبه إجماع على أن الأمور لا تزال في طريق مسدود، أي أنه لم يحن بعد الأوان لملء الشغور في رئاسة الجمهورية، من دون أن يُفصح عن الأسباب التي حملته إلى هذا الاستنتاج، إما لأنه يعرف أن جميع اللبنانيين باتوا يُدركون جيداً مَن يعرقل الانتخابات الرئاسية ولأي سبب، وإما لأنه لا يرغب في أن يسمّي على حكومته أنها كغيرها من الدول تتدخّل في شؤون هذا البلد الداخلية، ويترك للبنانيين حرية الاستنتاج، ومن ثمّ استخلاص العِبَر والتصرّف مع الجهة أو الجهات التي تمنع هذه الانتخابات، وتترك الدولة بلا رأس يحميها من التفكك الذي يضربها بشكل قوي، حتى وصل بها الأمر إلى أن تتحوّل إلى شبه دولة من دون أية ركائز دستورية تحميها من السقوط التام.

ما قاله الدبلوماسي الأميركي عن أن الطريق إلى الرئاسة لا يزال مسدوداً، بمعنى أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور، كما كان يحلم بعض اللبنانيين استناداً إلى مواعيد أُطلقت من قبل عدد من القيادات المعنية بهذا الشأن والمتابعة لأدق التفاصيل، أي أنه بات على اللبنانيين أن يقتنعوا بأن هذا الملف لم يعد في أولوية الدول الكبرى والدول المؤثرة وأن يتدبّروا شؤونهم الداخلية ويحافظوا على ما تبقى من الدولة إلى أن تتغيّر الظروف الدولية والإقليمية وتقبل الجهة التي تقبض على لبنان برفع قبضتها عنه حتى يستعيد عافيته ويحلم بأيام أفضل له ولشعبه، ولم يعد خافياً على أحد أن إيران هي الجهة القابضة على لبنان، بواسطة حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر بزعامة النائب ميشال عون، والذي تستخدمه ورقة للتفاوض عليه مع دول المنطقة ودول العالم، نظراً لأهميته الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وليست على استعداد للتخلي عن هذه الورقة قبل أن تقبض الثمن الذي يُرضيها، وكلام القائم بالأعمال الأميركي عن الأفق المسدود أو الطريق المسدود أمام الاستحقاق الرئاسي يصبّ في هذا الإطار وإن لم يُسمِ الأشياء بأسمائها، على العادة التي درجت عليها الدبلوماسية الأميركية في تعاطيها مع مشكلات الدولة وأزماتها والتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.

نخلص من كل ذلك إلى أن يوم الاثنين المقبل هو مجرّد يوم آخر من الروزنامة التي يستخدمها الرئيس برّي لكي يعدّ الدعوات ويبرّئ ذمته من دم الصدّيق.