من الطبيعي ان يستمرّ الجدل بين المؤيدين لاقرار قانون الانتخابات الجديد وبين معارضيه، نظرا لأن المهلة الفاصلة لاجراء الانتخابات في شهر ايار من العام المقبل، ستكون طويلة، ان لم يتم تقصيرها في الحوار المنوي اجراؤه في قصر بعبدا، من جهة، ولأن هناك تفاصيل وضوابط، من جهة ثانية، تم تجاوزها موقتا، حرصا على انجاز قانون يشطب امكانية اللجوء الى قانون الستين الذي كان نافذا دستوريا، ويضع حدا لخطر الوقوع في الفراغ القاتل، وهذه النقطة بالذات تعتبر انجازا يجب تسجيله في خانة من عمل وتعب وسهر، لتحقيق هذا الانجاز، ولكن يجب الاعتراف بأن القانون الجديد، وباعتراف من عمل له وتبنّاه ووافق عليه، ليس امرأة قيصر، لأن هناك شوائب عديدة تسبب بها تضارب المواقف والمصالح بين الكتل النيابية من جهة، وضغط الوقت من جهة ثانية، الذي حال دون مناقشة القانون بشكل موضوعي وهادئ وفاعل داخل مجلس النواب، ومن المفيد بعد الانتهاء من الضغوط التي تكلمنا عنها، ان يصار، وبكل نيّة حسنة، الى بحث نقاط الخلاف في الرأي بين اهل القانون، وبينهم وبين المعارضين الذين اثاروا عددا من التفاصيل اعتبروا انها تشوّه مضمون القانون الجديد.
***
اما وأن القانون الجديد المبني على النظام النسبي الكامل في 15 دائرة انتخابية، قد اصبح قانونا نافذا يمكن اعتماده في اي تاريخ يحدده مجلس النواب لاجراء الانتخابات، فإن مهلة السماح الاجبارية التي اعطيت لهذه الحكومة، التي غابت في شكل شبه كامل عن قضايا الناس وهمومهم، باستثناء عدد قليل جدا من الوزراء «غطسوا» في مهام وزاراتهم ومشاكلها، قد انتهت بمجرد نشر القانون الجديد، ولم يعد امامها اي عذر تلجأ اليه لتبرير تقصيرها في مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والامنية والبيئىة التي يعاني منها المواطن، والتي تشوّّه سمعة لبنان في الصحافة العالمية وفي المحافل الدولية، واعطاء مشكلة النازحين السوريين الاولوية المطلقة في المعالجة، بسبب الاضرار المخيفة التي سببها ويسببها وجودهم المليوني الفوضوي على العائلات اللبنانية، من حيث اتساع رقعة تأثيرهم السلبي على الحياة اليومية للمواطن، ليس في الاقتصاد ومزاحمة اللبنانيين فحسب، بل في ارتفاع نسبة الجريمة في لبنان، من قتل وسرقات وخطف واعتداءات وشبكات توزيع المخدرات، وكل هذا موثّق في سجلات وزارتي الداخلية والدفاع وفي المحاكم، ولم يعد مقبولا الرضوخ لضغط الدول العربية والاجنبية، ولا للاتهامات بالعداء العنصرية، لكل من يحاول لفت النظر الى الكارثة الكبيرة التي تنتظر لبنان، ان لم يتم تفاديها سريعا.
استكمال تنقية قانون الانتخابات الجديد من الشوائب عمل مطلوب يأخذ مداه على يد المعنيين بهذا الشأن، شيء وانصراف الحكومة الى القيام بواجباتها الوطنية شيء اخر، لا ينتظر التأخير ولا التمييع ولا المماطلة، واي خلل ستكون محاسبته عسيرة والانتخابات عل الابواب.