Site icon IMLebanon

العالم يتغيَّر  ولبنان يغرق

بينما كان قيصر روسيا فلاديمير بوتين يجتمع مع وزير دفاعه ووزير خارجيته ليُعلِن بدء انسحاب القوات الروسية من سوريا، كان قيصر السلطة التنفيذية في لبنان يرأس إجتماعاً عسكرياً أمنياً لمواكبة إنسحاب النفايات من الشوارع ونقلها إلى مطمر الناعمة.

وبينما كانت القوى السورية المتصارعة تجتمع في جنيف في محاولةٍ للشروع بتسوية سياسية، كانت القوى اللبنانية المتصارعة تبتعد وتتباعد أكثر فأكثر، من دون القدرة على التفاهم على القضايا الأساسية.

إنَّها حالتنا! المزيد من الغرق في الوحول السياسية والمستنقعات الآسنة، فيما الغد، وللأسف، أسوأ من اليوم، كما اليوم أسوأ من أمس.

اللبنانيون حيارى ومحبطون، المقيمون منهم والمغتربون، إنها المعادلة المستحيلة، فالمقيمون لم يعد باستطاعتهم السفر إلى بلاد الرِزق لأنَّ المصاعب والمنع والرفض باتوا أمامهم، والمغتربون أمام ظروف عصيَّة: فلا هُم قادرون على العودة ولا هُم قادرون على البقاء حيث هم.

هذه هي المعادلة المستحيلة، ولنرَ الأحوال في الأيام القليلة الماضية، وهذا ما يوكِّد المنزلقات التي يتدحرج إليها اللبنانيون:

في دول مجلس التعاون الخليجي، اللبنانيون ليسوا في وضعٍ مريح، هذه الدول لها سيادتها على أرضها، وبالنسبة إليها فإنَّ السيادة ليست وجهة نظر، وعلينا أن نسأل: ما الذي فعلته حكومتنا للحفاظ على أبنائها اللبنانيين المغتربين، قبل أن نناقش الدول في سيادتها على دولها.

إنَّ الحكومة التي تحترم نفسها هي تلك التي تكاشف شعبها وتحدِّثه بشفافية عن كل الشؤون والشجون التي تهمُّه، فأين حكومتنا من هذا التحدي؟ هل قالت لشعبها متى ستبدأ الساعة الصفر لمعالجة النفايات؟

هل يُعقَل أن تضع القوى الأمنية والمتضررين من المطامر وجهاً لوجه؟ هل يُعقَل أن تتحوَّل مسألة التهويل بالإستقالة إلى مزحة لم يعد أحدٌ يقبضها جدِّياً؟

المشهد لا يُشجِّع على الإطلاق. لم تعد مسألة الإبعاد تطال اللبنانيين في دول مجلس التعاون الخليجي فقط، تطلَّعوا إلى المغتربين اللبنانيين في أفريقيا:

في نيجيريا الوضع صعب، في أبيدجان الوضع ليس أقل صعوبة، في دول المغرب العربي فرص العمل تتدهور، فماذا تُعِدُّ حكومتنا للأيام السوداء الآتية؟

بالتأكيد لا أحد يملك جواباً عن كل هذه الأسئلة والهواجس، كلُّ ما يمكن قوله: أعان الله هذا الشعب، مقيماً أم مغترباً، هو شعبٌ طيّبٌ لكنَّ حكومته لا تتعاطى معه على أساس طيبته بل على أساس قهره للعمق، فهل هذا يجوز؟