وكأنَّ استحقاقات الكرة الأرضية كلّها ازدحمت في هذا الأسبوع من آذار، فهل هي مصادفة أم أنَّ هندسة السياسة العالمية تعتمد هذه الإستراتيجية لحشر الجميع في الزاوية للخروج من المآزق التي يواجهونها؟
***
هناك قرارٌ عالمي بإنتشال مصر من الإفلاس ووضعها على سكة الإستقرار مجدداً، ولهذا السبب كان مؤتمر شرم الشيخ الذي شارك فيه ما يقارب المئة دولة. في المؤتمر بدا الدعم واضحاً ولا سيما من السعودية والإمارات والكويت حيث قدَّمت كل دولة 4 مليارات دولار، فيما تسابقت الشركات الخليجية على توقيع العقود مع الشركات والوزارات المصرية، وبلغت قيمة ما حصَّلته مصر بين مساعدات وقيمة عقود ما يقارب الخمسين مليار دولار، فهذه الخطوة ليست مصادفة بل هي إشارة دولية وإقليمية وعربية إلى دور مصر في المرحلة المقبلة، داخل محور يضم السعودية والإمارات والكويت. وليست مصادفةً أن تكون واشنطن في قلب هذا الحدث حيث أن رئيس دبلوماسيتها وزير الخارجية جون كيري كان محور الإتصالات في المؤتمر.
اللبناني الذي راقب ما جرى في المؤتمر، سأل نفسه:
أين لبنان منه؟
وهل ظهر في مكانٍ ما فيه؟
حضر لبنان في المؤتمر بوفدٍ فضفاض:
رئيس حكومة الشغور، ورؤساء قطاعات ومستشارون ومرافقون، ولكن ماذا كانت النتيجة؟
تحميل الخزينة اللبنانية، المرهقة أصلاً، أَكلاف لا لزوم لها، وكل ذلك من أجل الصور التذكارية!
في المقابل فإنَّ العالم كان في غير مكان:
إتفاقات وعقود، ولبنان غائب، لكن لا مفاجأة فالطاقم الحكومي الحالي يكاد يجعل اللبناني يعتاد على الشغور والغياب!
***
الإستحقاق الآخر المزدحم هذا الأسبوع هو التحدي الغربي – الإيراني بالنسبة إلى إحتمال الإتفاق النووي.
إنَّ الإلحاح على الإنتهاء من هذا الملف، إيجاباً أم سلباً، دفع بالوزير جون كيري إلى التوجه من شرم الشيخ إلى سويسرا مباشرة، حيث الوقت المتاح هو أربعة أيام فقط باعتبار أنَّ الوفد الإيراني سيعود إلى طهران قبل العشرين من هذا الشهر، لأنَّ تاريخ العشرين يصادف عيد النوروز في إيران، والوفد سيغادر جنيف قبل هذا التاريخ.
إذاً، العالم يحبس أنفاسه قبل العشرين من آذار، لأنَّ التوصل إلى إتفاق نووي مع إيران يعني أن خارطة القوى ستتبدّل في العالم، كما أنَّ عدم التوصل إلى إتفاق سيعني أنَّ الأمور في المنطقة قد تصل إلى التدهور. وهنا يدخل العنصر الإسرائيلي على خطِّ هذا الملف، حيث أنَّ إسرائيل تشهد هذا الأسبوع إنتخابات مفصلية ستحدِّد مسارها للسنوات المقبلة، فهل ينجح نتنياهو ويواصل حملته على المفاوضات النووية أم يسقط لمصلحة خصمه؟
وماذا ستكون عليه النتيجة في هذا الحال؟
***
هكذا، بداية هذا الأسبوع لن تكون كنهايته على الإطلاق:
لا في إسرائيل ولا في واشنطن ولا في طهران، لكنَّها بالتأكيد ستبقى كما هي في لبنان لأنَّ ليس هناك حركة ولا مَن يحرِّكون، فرئيس حكومة الشغور يستعدُّ منذ الآن للمشاركة في القمة العربية أواخر هذا الشهر، في شرم الشيخ أيضاً، وبالتأكيد لن تكون مشاركته أفضل من مشاركته في المؤتمر الإقتصادي، ولا تعود بنتيجة سواء في السراي أو في شرم الشيخ.