29 كانون الأول 2014
يا قادة العالم وأصحاب القرار فيه،
تحية وبعد.
أحب اليوم، على مشارف هذه السنة الجديدة، أن أسجل اعتراضي على إدراج بلدي العظيم، لبنان، ضمن لائحة بلدان العالم الثالث أو الدول النامية.
ليس اعتراضي هذا نابعاً من الفوقية المهينة التي يوحي بها تصنيف البلدان بين عالم أول وثانٍ وثالث.
ولا من تشكيكي في عناصر التقويم المتحيزة والذاتية، الغربية بامتياز، التي تُستخدَم لوضع تصنيف مماثل.
إنه بكل بساطة اعتراض ناتج من اقتناعي الأكيد بأن لبنان لا يستحق أن يُدرَج في اللائحة المذكورة. حرام.
أحكموا بأنفسكم:
– إن كولومبيا، بحسب تقويمكم، هي من بلدان العالم الثالث. لكن حكومتها أصدرت أخيراً قراراً بطبع عملة نقدية تحمل صورة الكاتب غبريال غارثيا ماركيز، بهدف تكريم ذكراه والاحتفاء بالإرث الادبي الذي أغنى به وطنه. ماذا نفعل نحن بعظمائنا؟ نبهدلهم ونتجاهلهم في حياتهم، ونمنحهم درعاً بعد مماتهم.
– الأوروغواي هي أيضاً، في رأيكم، من بلدان العالم الثالث. لكن رئيسها، خوسيه موهيكا، يقود سيارة فولسفاكن أكل الدهر عليها وشرب، ويتبرع بالقسم الأكبر من راتبه للفقراء والمحتاجين. أما رجال السياسة عندنا فلا يتجولون إلا في سيارات آخر موديل، ولا تتوانى مواكبهم عن الاعتداء على المواطنين.
– السنغال وجامايكا والبرازيل أيضاً، هي في حساباتكم، من بلدان العالم الثالث. لكن منصب رئاسة الحكومة في الدولتين الأوليين تشغله سيدتان، وفي الثالثة هناك رئيسة للجمهورية، لا رئيس. أما هنا، في بلدي العظيم، فلا يمر نهار من دون أن تُضرَب امرأة أو تُقتَل، وجل ما فعله مجلس النواب هو الاتفاق على قرار معطوب لحمايتنا (بالأحرى لإسكات ضميره).
– الهند أيضاً من بلدان العالم الثالث، تقولون. لكن النسبة الكبرى من علماء العالم وعباقرته ومخترعيه هم من الهنود. لا بل تمكنوا أخيراً، وبثمن غير مكلف، من الوصول الى كوكب المريخ. ماذا عنا، تسألون؟ نرى الى الهنود الذين يعملون في هذا البلد كخدم، نحتقرهم ونهينهم ونعتبر أنفسنا أرقى منهم.
– تزعمون أن مونغوليا هي أيضاً من بلدان العالم الثالث. لكن اقتصادها تمكن من تسجيل أسرع نسبة نمو بسبب استثمار حكومتها الذهب والفحم والأورانيوم وسواها من المواد الثمينة الموجودة في أراضيها. أما نحن فما زلنا نتخانق على من سيشفط نفط بحرنا أكثر من سواه. على فكرة، الكهرباء في مونغوليا 24 على 24.
لن أطيل عليكم أكثر. البراهين أكثر من الهمّ على القلب، ولكن لا يشرفنا الإمعان في المقارنة. ماذا تنتظرون لإعلان لبنان عالماً تاسعاً، يا شباب؟