Site icon IMLebanon

الأسوأ لإيران..

لم يكن الأمر ليأخذ وقتاً أطول قبل أن يتبيّن أن إيران في سوريا هي مشكلة لأهلها وللعرب والأتراك ولعموم المسلمين مثلما هي مشكلة لروسيا، الحليف المرحلي الذي كان لا بدّ من التحالف معه.

افترض الإيرانيون، في هذه المناحة، أن «دعوة» الروس إلى سوريا هي خيار سيئ. لكن عدم دعوتهم هو خيار أسوأ، لأن ذلك كان سيعني واقعياً وعملياً تنامي الهريان في صفوف بقايا سلطة الرئيس السابق بشار الأسد، وازدياد حدة الاستنزاف البشري والمادي لكل الميليشيات المذهبية التي جاءت لدعمه، من لبنان وباكستان والعراق، وبالتالي التعرّض لأسوأ ما يمكن تخيّله، أي سقوط «درّة التاج» في المشروع الجموح والطموح وانكسار الخط الواصل بين مركز «الإمبراطورية» و»حدودها».. على شاطئ المتوسط!

في محاولة تدارك ذلك السيناريو الكارثي، أطلق الإيرانيون النار على أقدامهم! وراحوا بعيداً في الاستهانة بالغير والاستخفاف بالحدود والقيود مثلما أفرطوا في الثقة بتكتيكاتهم: خلطوا بين اللعب مع المعارضات المحلية المسلّحة والسياسية في مناطق «نفوذهم» في سوريا وغيرها، وبين اللعب مع دولة كبرى ذاهبة إلى الماضي المجيد، مثل روسيا!

وأسوأ ما أصابهم في هذا المقام هو أن «الحليف» الروسي، في سياق انكبابه على إعادة إعمار بنايته العظمى والمدرّعة اعتمد على «المبدأ» ذاته الذي اعتمدوا عليه هم في طهران، أي الاستفادة القصوى من الانكفاء الأميركي والانطلاق بكل «زخم» ممكن لانتهاز الفرصة وأينما أمكن ذلك من القرم إلى سوريا!

غاب عن بال (أو حضر لا فرق!) صانع القرار الإيراني أمر بديهي في مدوّنة العلاقات الدولية قديماً وحديثاً، وهو أن الندّية غير ممكنة في التحالفات التي تبنيها الدول الكبرى مع الدول الأقل شأناً، أياً تكن! يمكن أن يكون التحالف حقيقياً ويستند إلى قواسم مشتركة، فعلية عابرة أو دائمة، لكن ذلك لا يعني مساواة ولا تماهياً: حجم المصالح أكبر من حجم مطولات الردح الإيجابي! والمثال الأكثر حضوراً، هو العلاقات الأميركية – الإسرائيلية الموصوفة بشدّة متانتها وديمومتها، لكن في اللحظة التي تتعارض فيها مصالح الطرفين، لا مكان سوى للأقوى، وأحدث دلائل ذلك هو «الاتفاق النووي» مع إيران نفسها!

قيل الكثير وسيُقال أكثر، عن أن مصالح روسيا أكبر من حدود التحالف مع إيران ومن حدود النكبة السورية. وأن ذلك عنى وسيعني متاعب إضافية وخطيرة للإيرانيين ومشروعهم وأتباعهم في سوريا وفي غيرها.. وإذا أمكن طهران، ولدواعٍ متصلة بالحرب ومسارها، التغاضي أو التغافل عن واقعة خطوط التنسيق العسكري المفتوحة بين الروس في سوريا والإسرائيليين.. ثم الركون إلى الخيبة من تحقيق حلم المواجهة الحارة بين الروس والأتراك، وذهاب الطرفين إلى العكس تماماً، وترجمة ذلك في الشمال السوري تحديداً، وفي مآلات النكبة برمتها عموماً.. فكيف سيمكنها تحمّل حقيقة تجاوب موسكو مع توجّه الإدارة الأميركية الجديدة للتفاهم أو التنسيق أو التحالف في الموضوع السوري؟ خصوصاً وأن هناك في تلك الإدارة، وعلى أرفع مستويات القرار، من يفترض أن إسقاط الأسد سيكون أكبر ضربة توجّه إلى الإيرانيين منذ ثلاثة عقود!

على إيران أن تستعد للأسوأ، لكن عسى أن لا يكون ذلك من خلال عودتها إلى تذكّر «فضائل» الساحة اللبنانية، خصوصاً لكونها على تماس مباشر مع إسرائيل!؟