تبدو الأجواء المنقولة عن موقف تيار «المستقبل» من الأزمة الحكومية الراهنة متضاربة، ففيما يؤكد البعض أن الرئيس سعد الحريري يفضّل التريث في الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل استنفاد كل الاتصالات والمشاورات لحل «العقدة العونية» المرتبطة بالتعيينات، يقول آخرون إن المساحة المعطاة لمحاولات الحلحلة ضيقة ولن تتجاوز الاسبوع المقبل، حيث لن تتأخر الدعوة لعقد الجلسة.
ويشير مسار الامور، وفق المشتغلين على خط إيجاد المخارج، إلى أنه «في حال دعا الرئيس تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء، فان وزيري التيار الوطني الحر سيحضران الجلسة الى جانب حلفائهما في التكتل وفي حزب الله، وسيصرّون على بحث بند التعيينات، وإذا رفض طلبهم يخرجون من الجلسة، التي اذا حافظت على نصاب الثلثين ربما تكمل دراسة جدول الاعمال». ولكن عندها سيكون السؤال «هل يتحمّل سلام مقاطعة وزراء تكتل التغيير والاصلاح ومعهم وزراء حزب الله للجلسة حتى لو بقيت الميثاقية مؤمّنة؟».
وتقول المصادر المعنية إن «هناك من يحمّس رئيس الحكومة على إهمال مقاطعة وزراء التكتل والحزب والاكمال في عقد الجلسات، وهذا إن حصل سيكون بمثابة مشروع لمشكلة كبيرة، قد يولد توسعها أزمة خطيرة، مع الإشارة إلى أن حزب الله لم يضغط باتجاه حركة أمل للسير في المقاطعة». كما تقول المصادر إنه «إذا تحولت المسألة إلى تحدّ، فمن غير المعلوم إلى أي مدى سيكون لدى حزب الله مصلحة في عدم السير مع عون أو المجازفة في تركه يخوض المعركة وحيداً، علماً أنه من المحسوم أن الحزب ليس في وارد تعريض تفاهمه مع التيار الوطني الحر للاهتزاز».
وتضيف المصادر أن «فريق المستقبل، أو جزءا منه، يستسهل الموضوع، ويعتقد ان وزراء التكتل سيحضرون في نهاية المطاف الجلسات الحكومية، ولكن الاجواء المنقولة عن زوار الرابية لا توحي بذلك على الإطلاق، ولو كان الامر ذاهبا باتجاه المشاركة وبحث جدول أعمال عادي من دون الإصرار على بند التعيينات، لما كان عون لجأ إلى هذا التجييش الشعبي». كما تشير إلى أن «هناك من قال لجماعة 14 آذار إن حلم عون هو أن يكون بطلا شعبيا وشهيدا لأجل قضية، فلا تجعلوه شهيدا، ولا تجعلوا الناس تزداد تعاطفا معه، لانه في كل مرة يحارب تزداد شعبيته، وهذا ما حصل منذ عودته إلى لبنان». وتضيف: «في العام 2005 تم عزله فحصل على اكثر من 70 في المئة من تأييد المسيحيين، وفي العام 2009 حاربوه في الحكومات المتعاقبة وأيضاً فاز في كل الدوائر باستثناء بيروت وزحلة حيث المال السياسي فعل فعله، وليس من المفيد الاستمرار بهذه السياسة تجاه عون، خصوصاً أنه يستحيل الرهان على ابتعاد حزب الله، ولو للحظة، عن عون».
وتوضح المصادر أنه «على ما يبدو أن اجتماع جدة الاخير أزّم الموقف وخرّب مسار الأمور، إذ أن قبله لم يكن التصعيد هو جو سلام والحريري، ولكن حضور الرئيس فؤاد السنيورة على الخط بقوة فاقم الموقف ليخرج كلام من وزن: ان غدا يوم آخر». وعليه، فإن «هناك مشكلة حقيقية تحتاج إلى معالجة بعيداً من سياسة التحدي والابتزاز».
وتلفت المصادر إلى أن «هناك من يسأل هل يريد حزب الله لهذه الحكومة ان تبقى، وهو السلوك الذي اتبعه منذ تشكيلها، حيث حرص على مداراة رئيسها تمام سلام الى ابعد الحدود؟ أم أن التعاطي اختلف بحيث يريدها أن تبقى كحكومة من دون أن تكون منتجة، خصوصاً أن كل الامور موجّهة ضد الحزب، إن على مستوى إدارة الملفات الحكومية، من التعيينات وغيرها وصولا الى الموقف السياسي بعدما اسقط فرقاء اساسيون في الحكومة المعادلة الثلاثية، كما اسقطوا كل ما يمكن ان يخدم الحزب في السياسة؟ وبالتالي ما مصلحة الحزب من بقاء حكومة منتجة في اتجاه واحد؟».
وتتابع المصادر في طرح أسئلتها لتقول «هل ما ينسحب على الرئاسة، أي تمسك حزب الله بترشيح ميشال عون، لا ينسحب على الامور الوزارية والادارية؟ والجواب الواضح أيضا أن ذلك لا يظهر، لان الملاحظات على تلزيم الخلوي بيّنت وحدة موقف يقوده الوزيران محمد فنيش وجبران باسيل. لذلك فإن رهان 14 آذار على أن وزراء التكتل وحزب الله سيحضرون مثل الشطّار كما قال احد الاقطاب، هو رهان خاطئ مجددا».