يتصدّر الموضوع اليمني واجهة الاهتمام العربي بالمقارنة مع الموضوع السوري. لكن لماذا هناك شعور بأن العرب لا يتدخلون، وكيف يمكن ان يتعاملوا مع الازمة السورية بعدما قال الرئيس الاميركي بحسب مصادر ديبلوماسية، ان العرب يجب ان يكون لهم دور في سوريا.
مصادر ديبلوماسية عربية اوضحت انه في مقررات القمة العربية كانت هناك فقرة محدودة حول سوريا في حين انه كانت فقرات مطولة حول اليمن. ما يدل على الاولوية العربية للازمة اليمنية. والسبب يعود الى ان العرب يتركون الدور الاساسي في سوريا للقوى الكبرى، باعتبار انها يجب ان تقرر ما الذي يجب القيام به في ظل العامل الروسي، والدور الايراني في الازمة السورية، والأمور تخطت الاطار العربي الذي كان يشدد مثلاً على دور مؤتمرات اصدقاء سوريا والشعب السوري. قد يكون هناك افرقاء عرب يهتمون بالملف السوري، اكثر من افرقاء آخرين عرب، لكن بالاجمال لا توجد خلافات عربية حول الموضوع السوري.
انما تطور الازمة السورية تخطى كثيراً ما يمكن ان يكون للعرب من دور في ظل المواجهة بين الادوار الدولية والاقليمية في سوريا. فهناك روسيا وايران من جهة، وتركيا والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية.
وبالنسبة الى التعامل الدولي مع استخدام الكيماوي، فان القمة العربية في مقرراتها، طلبت الانتظار حتى تنتهي لجنة التحقيق الدولية من عملها في دوما وتقديم تقريرها للبناء على الشيء مقتضاه. وقد اجري تعديل في الصيغة خلال مناقشات القمة، بحيث صدرت المقررات بشكل انه في حال ثبت لدى لجنة التحقيق استعمال الكيماوي، فيما الصيغة الاساسية كانت تتضمن تسليماً باستعمال الكيماوي.
وتشير المصادر، إلى ان مجموعة المعارضة التي كانت في الغوطة، كانت مدعومة عربياً، اي خليجياً. لكن لما كان النظام يريد الغوطة ليضمها الى منطقة الوسط حيث نفوذه في دمشق ومحيطها، قاومت هذه المعارضة. لكن كلما صمدت منطقة يستعمل النظام، بحسب المصادر، الكيماوي لجعلها تستسلم. وهذا ما ينطبق على كل المناطق التي ضمها النظام الى سيطرته.
وبالتالي، لم يعد في سوريا اي توازن بين المعارضة والنظام. هناك ادلب حيث تستقبل كل المعارضة التي تنزح عن مناطقها في الوسط. لكن في ادلب، بحسب المصادر، تتواجد “جبهة النصرة” بكثافة. لذلك هناك مطالبة فرنسية بأن يستمر الوجود الاميركي في شرق سوريا، لان اي خروج منه، يعني ضم المنطقة الى مناطق الوسط حيث سيطرة النظام وايران. وبحسب رأي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يجب ان يستمر الوجود الاميركي هناك الى حين التوصل الى حل سياسي. وفي المناطق الشمالية، حيث السيطرة التركية، تتواجد المعارضة. لكن تركيا تعطي الاولوية للموضوع الكردي، على حساب الازمة السورية الشاملة. وفي الجنوب، حيث النفوذ الاردني، هناك معارضة، وهي تتواجد ايضاً في ريف حلب لكن في جزء منه وليس كله.
وعلى الرغم من تحرك مجلس الامن في السويد حول الأزمة السورية، الا ان المصادر تتوقع ان تبقى سوريا بؤرة توتر لسنوات او ان تبقى مناطق النفوذ مستمرة كما هي مقسمة. في كل الاحوال، الثورة لن تنتهي، ولن يستطيع النظام ان يحكم سوريا كاملة. لكن في الوقت نفسه ليس في استطاعة المعارضة ان تطيح به.
وفي هذا الوقت، تبقى الاولوية العربية لليمن. والخلافات انعكست على الاهتمام بالموضوع السوري. ومن العوامل التي اثرت ايضاً في الموقف العربي، انه لم يكن هناك من اذن اميركي بمنح المعارضة أسلحة مضادة للطيران، ولم يتم السماح للعرب ان يساعدوا المعارضة في هذا المجال.
وما عرقل الاهتمام العربي بدعم المعارضة، التدخل الروسي العسكري القوي، والذي قلب كل الموازين. والاكثر من ذلك، إحجام اي فريق عربي او دولي عن السعي لمحاربة الروس في سوريا. فدخل النظام الى حلب على طريقة ” غروزني” اي اتبعوا نهج الارض المحروقة. عندما دخلت روسيا على الخط لم يعد ممكناً لاي فريق ان يوقفها باستثناء الاميركيين. وهم اثبتوا انهم غير مستعدين لذلك. الآن يستطيع النظام ان يحكم المنطقة التي يسيطر عليها ولوقت طويل، الا في حال انسحاب مفاجئ للروس، حيث ستعود المعارك، او في حال حصول تغيير في المعادلات على الارض.