IMLebanon

أكبر ضرر لشباب لبنان  

 

اوضـاع لبنـان تدعو الـى القلق لدى الشباب اللبناني لاسباب متعددة اهمها تردي الخدمات الحكومية وتعثر التعيينات القضائية وغياب الحكم والتحكم لمدة 8 سنوات منذ 2014 وحتى نهاية ولاية ميشال عون في آخر تشرين الاول عام 2022.

 

لقد شهدت هذه الفترة هجرة مستمرة لجيل الشباب والعديد من عائلاتهم والمظهر الاقسى مشاهدة ابناء عائلاتنا الصغار يتركون البلد برعاية اهاليهم الذين هنالك نسبة منهم تخلوا عن املاكهم ليستطيعوا تحمل اكلاف الهجرة واعبائها.

 

الاحصاءات المتوافرة تفيد ان عدد اللبنانيين المهاجرين الى كندا وأستراليا، وبعض بلدان الخليج العربي وبعض البلدان الافريقية يزيد على 300 الف لبناني ولبنانية وغالبيتهم من الشباب والامهات الذين يأملون في تحقيق احلامهم بالانتساب الى مجتمعات يعود فيها النجاح الى التأهيل العلمي والسعي في اتقان المهن الحرة او تقنيات الانتاج الصناعي. وربما الاشارة الى عدد زوار لبنان من المهاجرين اللبنانيين المؤقتين ومن الراغبين في زيارة البلد بلغ خلال شهر تموز المنصرم حوالى 900 الف زائر، وبالمقابل ماذا كان عدد اللبنانيين المسافرين لتحقيق حياة هادئة ومستمرة في مجتمعات مستقرة 400 الف مهاجر، وبالتأكيد عدد الزوار من المهاجرين السابقين الوافدين لم يبلغ هذه الرقم.

 

نقرأ عن بلدان تبعد كثيرًا عن لبنان مثل بنغلادش التي حققت خلال 20 سنة نموًا جعلها بإشراف رئيسة وزرائها وكبير الاختصاصيين الذي ابتكر فكرة تأسيس بنك للفقراء وحاز على جائزة نوبل على عمله لتامين القروض البسيطة ومستويات التعليم الجيدة لتمكين بلدان العالم الثالث من تجاوز شبابها وشاباتها الشعور بان مستقبلهم لن يكون مشرقًا اذا لم يحصلوا العلم والانتظام في الحياة السياسية في بلدنهم.

 

لقد كان لبنان يستقبل آلافًا من مواطني بنغلادش للعمل في مجالات الخدمات البسيطة ومنها الخدمة في المنازل ورعاية الاطفال، وها هم اليوم يوسعون مجال رعاية ابنائهم وتنويع علومهم والتمتع بسيادة القانون والابتعاد عن العصبيات الطائفية. بنغلادش خلال 20 عامًا رفعت معدل دخل الفرد من 200 دولار في السنة الى 6000 دولار وبالتالي اصبحت من البلدان النامية بسرعة تؤدي الى اللحاق بالبلدان الاكثر نموًا وتنوعًا للنشاطات خلال عشرة اعوام. هكذا انتقلت بلاد كانت تعتمد صناعة

 

الاقمشة وزراعة القطن الى بلد يتقن صناعة الالبسة التي تسوق في لندن وباريس وروما وبيروت الخ ونحن نعاني الشعور بان المستقبل لن يكون واعدًا وبان مشكلة المهجرين السوريين ستشكل التحدي الاكبر للشباب اللبناني، والكل يعلم ان الحكم السوري المذهبي حتى العظم لن يفسح عودة المهجرين السوريين في لبنان، والاردن وتركيا، ومصر وبلدان الخليج ولنتذكر بان انجيلا ميركل الزعيمة الالمانية عند تحسسها حاجة بلدها لليد العاملة بعد تدني معدل الولادات مقابل الوفيات اقرت استقبال 1.2 مليون سوري وسورية لتغذية المانيا بمهاجرين دائمين وقادرين على الاشتراك في تنويع الخدمات والمساهمات في البناء والصناعات المتقدمة، وهؤلاء بالتأكيد لن يعودوا الى سوريا وخسارتهم تؤدي الى ضمور توقعات النمو في سوريا.

 

لا شك ان سوريا تتمتع بمعطيات طبيعية وافرة منها ثروات معدنية من اهمها انتاج النفط على البر السوري بمعدل 370 الف برميل يوميًا، يسوق منها 50 الف برميل لشركات تسيطر عليها اسماء الاسد وهي اليوم تعتبر سيدة الاعمال الاولى في سوريا، وبالتالي تقبل على شراء النفط السوري بمعدل 50 الف برميل يوميًا من الاميركيين المسيطرين على انتاج النفط السوري، والاميركيون يسوقون الكميات المتبقية باسعار افضل والحصيلة تخصص للاكراد الذين هم سكان مناطق الانتاج، وكانوا سابقًا لا يحظون بالجنسية السورية.

 

غياب الرؤية المستقبلية في لبنان وتدهور اوضاع الانتاج والتعليم وهجرة نسبة مرتفعة من خريجي الجامعات والمهنيين الممارسين لاعمالهم التي تميزت عالميًا بعد تحصيل التعليم المناسب والخبرات المفيدة، والشباب اللبناني ما بين سن ال20 و30 سنة الذين يعتمد على قدراتهم ونظرتهم الى المستقبل، هؤلاء يمكن ان يساهموا في انقاذ لبنان، لكن تحقيق تحويل نظرهم من التشاؤم الى التفاؤل لن يتحقق اذا استمر الحكم كما هو برجالاته وحصر توقعاتهم بالحد الادنى من الانجاز الكافي لمعالجة الامراض والمحافظة على الصحة والنظافة.

 

التحسين المطلوب، اذا كان له ان يقلب توقعات اللبنانيين من التشاؤم الى التفاؤل يستوجب ممارسة سياسية مختلفة كليًا. فنحن نفتخر بان لبنان بلد ديمقراطي وقوانينه تسري على الجميع ونشهد وقائع من اقسى وابشع الممارسات في معاملة الاطفال والاعتداء عليهم كما ان القضاء بعد تشرذم وسائل عمله وانخفاض تعويضات القضاة عن ما هو مطلوب للمحافظة على مستوى مقبول للعيش والتنوع والتقدم اصبح بطيئًا

 

في فض الخلافات وفي حالات معينة شاهدنا وقائع اصدار احكام بحق لبنانيين غير مرتكبين للجرائم واعمينا اعيننا عن السرقات وهدر اسباب التقدم والرقي، ولبنان دون شبابه لن يكون البلد الذي يستقدم الكفاءات ومشاركة المميزين في العلوم والتنظيم، والنزعة السائدة لتامين ما يغطي نفقات المعاشات دون طرح اي مشروع حيوي امر لا يطمئن اللبنانيين، كما لا يستقطب مساهمات ملحوظة من غير اللبنانيين.

 

ربما لدينا 5 سنوات لاصلاح اخطاء الماضي والتوصل الى اقناع الشباب بالمساهمة في تنويع نشاطات البلد خاصة في مجالات التعليم، وها نحن عبر مدرسة الشويفات التي كانت تحتوي الاناث والذكور من اعمار صغيرة منذ عام 1895 كما تظهر صورة لطلاب هذا المعهد الراقي البعيد عن الطائفية، وقد اصبحت مدرسة الشويفات ذات اسم عالمي SABIS اكبر مدرسة لبنانية تؤمن العلم ل90 الف طالب من مختلف بقاع العالم ونحن نردد تعداد الفرص التي تعوق مجتمعنا كل يوم.