قد يتفاجأ القارئ عند نشر هذه المعلومات الخطيرة والموثقة والتي تقلب المقاييس السياسية كلها…
ولكن كما يقولون: المصالح الاقتصادية تلعب الدور الأكبر في أي علاقة بين أي دولتين.
وبما ان اليهود، كما هو مشهور عنهم، هم ملوك المال فلا عجب انه في مكان ما سيكون هناك تلاقٍ بينهم وبين الزعيم أودولف هتلر زعيم ألمانيا النازية.
وإليكم التفاصيل:
لقد وصل أودولف هتلر الى ألمانيا، وعُيّـن مستشاراً لها من قِبَل الرئيس الألماني بول فون هيندنبورغ… في 30 كانون الثاني (يناير) عام 1933، وكان هتلر يومذاك زعيماً للحزب النازي، ووصل الى سدّة الحكم من خلال العمليات السياسية القانونية في ألمانيا.
أما لماذا تحالف هتلر مع الصهيونية رغم انه كان يكره اليهود، فلأنّ هتلر كان انتهازياً، فلم يكن لديه مانع من إقامة علاقات مع دول وكيانات تتعارض مع أفكاره وتطلعاته العنصرية، فأكبر حليف له خلال الحرب كان الايطاليين الذين نظر إليهم بازدراء، واعتبرهم عرقاً أدنى وشعباً كسولاً.
وتعاون مع الاتحاد السوڤياتي لغزو وتقسيم بولندا عام 1939، رغم ان أشد أعدائه كانوا من الشيوعيين. كما انه شجع بعض الزعماء العرب على التمرّد ضد المصالح البريطانية رغم انه اعتبر العرب أنصاف قردة.
أعود الى علاقة النازية بالصهيونية. فقد تكون الملاحظة الأهم حول علاقة ألمانيا النازية بقيادة أودولف هتلر باليهود هي اضطهاد انتهى بـ»الهولوكوست».
غير ان الوقائع التاريخية تظهر انه وبموجب اتفاقية «هآرفا» سهّل هتلر تهجير اليهود الى فلسطين لإقامة المشروع الصهيوني، مقابل مكاسب اقتصادية لبلاده، وهو سهّل -في واقع الأمر- قيام المشروع الصهيوني وشارك في وقوع النكبة الفلسطينية.
وفي هذا المجال يقول المؤرخ والكاتب الاميركي المعروف إدوين بلاك، في كتابه «اتفاقية التهجير» إنّ معظم الناس لا يعرفون انه مع وصول هتلر الى السلطة في ألمانيا استطاع اليهود العودة بقوة.
فمع تنامي القوة الاقتصادية لليهود داخل ألمانيا وخارجها ومحاولات مقاطعة الاقتصاد الألماني، اضطرت الادارة النازية الى عقد اتفاقية مع الوكالة اليهودية الصهيونية، وبموجب اتفاقية «هآرفا» هذه أو «اتفاقية التهجير» الموقعة في 25 آب عام 1933، سهّلت ألمانيا تهجير نحو 60 ألفاً من صهاينة اليهود الى فلسطين بين عامي 1933 و1939، على أن يكسر اليهود الأوروبيون المقاطعة الاقتصادية التي فرضوها يومذاك على الاقتصاد الألماني، إضافة الى تصدير بضائع وممتلكات اليهود المهجرين الى فلسطين كبضائع ألمانية لإنعاش اقتصاد ألمانيا المتدهور في فترة ما بين الحربين العالميتين.
فبموجب هذه الاتفاقية تمكن اليهود المهاجرون الى فلسطين من استخدام أصولهم لشراء سلع ألمانية الصنع للتصدير.
وبهذا يكون جزء كبير من المخطط الصهيوني بانضمام الـ60 ألف صهيوني من اليهود الأشكناز الى المجتمع اليهودي بفلسطين «أليشوف» والذي كان يقدّر بـ175 ألفاً عام 1931، ليتجاوز ضعف هذا الرقم بعد ثلاثة أعوام وليصل الى 385 ألفاً.
يرى بعض المؤرخين ان «هآرفا» لم تكن الحلقة الوحيدة في التعاون بين الصهاينة والنازية، حيث تبع الاتفاقية الصهيونية – الألمانية اتفاقية أخرى أقل شهرة، سمّيت بـ»اتفاقية القوى» والتي أبرمت خلال الحرب العالمية الثانية وتحديداً أواخر عام 1940 بين منظمة «ليحي» الصهيونية والقوات الايطالية المتحالفة مع ألمانيا النازية.
ونصّ الاتفاق على ان تدعم «ليحي» القوات الايطالية خلال الحرب، وتساعد الأخيرة في المقابل على هجرة المزيد من اليهود الى فلسطين استعداداً لقيام دولة إسرائيل.
لقد برعت الآلة الدعائية الصهيونية لعقود طويلة في تصوير ما يربطها بالنازية على انه علاقة عدائية فقط، حيث يذكر اليهود لهتلر «الهولوكوست» فحسب، ويتحدثون عن القائد النازي انه أباد قومهم الذين عاشوا في حدود دولته أثناء الحرب العالمية الثانية، لكنهم يتناسون ان هتلر كانت له يد في الاستيلاء على فلسطين، وأنه كان من ضمن أسباب توافد اليهود الى فلسطين.
لقد ساعد في حجب طبيعة العلاقات التاريخية بين الصهيونية والنازية 3 عوامل هي:
أولاً: التشهير بأي شخصية تنتقد إسرائيل، فيرتعد خوفاً من أن تناله عقوبات تمتد الى شخصه وإلى أسرته بالدفاع عن النازية ومعاداة الساميّة.
ثانياً: إنّ اهتمام الباحثين برصد العلاقة بين الصهيونية وآبائها الأول وبين بريطانيا والولايات المتحدة حجب الاهتمام بعمق العلاقة بين النازية والصهيونية.
ثالثاً: حرص إسرائيل على تصفية بعض قيادات الصهاينة الذين أدوا دوراً مهماً خلال تلك الحقبة من التعاون النازي – الصهيوني، وأبرزهم اختطاف النازي أودولف ايخمان رئيس جهاز البوليس السرّي «جيستابو» من الارجنتين عام 1960 وإعدامه في إسرائيل عام 1962.
باختصار، إنّ عناصر الشبه بين الصهيونية والنازية تجعلهما أقرب الى توأم. فالصهيونية التي تؤمن بعقيدة «شعب الله المختار» تلتقي تماماً مع النازية التي تزعم بتفوّق الشعب الآري. ولا يمكن لأحد أن ينكر دور الصهيونية في إعدام عدد كبير من النازيين خوفاً من افتضاح هذه العلاقة المتينة بين الصهيونية والنازية.