المجلس النيابي بفريقيه يستعد للتمديد لنفسه مرة ثانية، بذريعة أن لا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية وفق ما صرّح به رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بعد محادثات أجراها في باريس مع الرئيس الفرنسي هولاند.
الفصل ما قبل الأخير من مسرحية التمديد إنتهى وبقي أن يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة نيابية لكتابة الفصل الأخير من هذه المسرحية وهو إقرار التمديد الثاني للمجلس للأسباب التي مرّ ذكرها، أما مسرحية انتخاب رئيس الجمهورية فما زالت عالقة في الفصل الأول وبطلها الظاهر رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون أما بطلها اللاعب وراء الكواليس فهو حزب الله الذي يمسك بزمام القرار العوني بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي ويوجهه في الاتجاه الذي يخدم مشروعه اللبناني والإقليمي.
وإذا كان مجلس النواب المقسوم على نفسه عامودياً بين 14 و8 آذار قادرا على الاتفاق على التمديد مرة ثانية لنفسه، فالأحرى به أن يتفق على انتخاب رئيس للجمهورية وينهي حالة الفراغ أو الشغور في مقام رئاسة الجمهورية المخصصة وفق الميثاق الوطني ومن ثمّ وفق اتفاق الطائف للمسيحيين بهدف المحافظة على التوازن بين الطوائف التي ما زالت تحكم هذا البلد وتتحكم بمصيره، من ضمن التعددية التي هي ميزة لبنان ليس في الوطن العربي وحده بل في الشرق كله، ومع ذلك ما زال أحد الفريقين يتلطى وراء اعتبارات صغيرة لا علاقة لها بالاعتبارات الوطنية لكي يستمر في عملية تعطيل الانتخابات الرئاسية ليبقى المركز المسيحي الأول شاغراً، وليحكم من يحكم لا فرق عند هذا الفريق، ولا خشية على التوازن الطائفي، وعلى هذا الموقع من أن يطير من يد المسيحيين وتصبح الحكومات التي تشكل هي البديل، كما هو واقع الحال.
الفريق المعطِّل لم يبدل في مواقفه بحجة أن مرشحه يمثل الأكثرية المسيحية من حقه أن يكون هو الرئيس المسيحي الفعلي الذي ينتخبه مجلس النواب، وكل كلام خارج هذه المعادلة البسيطة والواضحة لا معنى ولا قيمة له مهما حاول الفريق الآخر التركيز عليه حرصاً منهم على الانتظام الميثاقي من جهة، وعلى الوضع العام المأزوم من جهة ثانية، وهذا الفريق له حساباته الإقليمية بعدما أدخل نفسه في خضم اللعبة الدولية ويكاد يُدخل لبنان في هذه اللعبة من البوابة الشرقية، أي من البوابة السورية بل أدخله فعلاً في هذه اللعبة بعد تمدد جبهتي النصرة وداعش داخل الأراضي اللبنانية وأصبحتا ممسكتين بالورقة اللبنانية للمفاوضات عليها في لعبة الأمم، ومع أن خطر التمدد أصبح أمراً واقعاً يحاول الفريق المعطِّل للانتخابات الرئاسية الإيحاء للداخل والخارج بأنه لا يزال ممسكاً بالورقة اللبنانية بكل تعقيداتها ولا خوف من هذا التمدد المحدود بعدما دحره في معارك القصير والقلمون وغيرها من البلدات السورية القريبة من الحدود اللبنانية ويعتبر أن ما يحدث مجرد محاولة محكوم عليها مسبقاً بالفشل، وعلى هذا الأساس يتصرف ويستمر في عرقلته للانتخابات الرئاسية وصولاً الى النقطة التي تبيح المحظورات بمعنى أنها تفتح الباب واسعاً أمام إعادة النظر في التركيبة اللبنانية وفي توزيع المسؤوليات، فأين مسيحيّو الأكثرية من هذه الخطة؟