مرة جديدة يسقط جنود لبنانيون شهداء في حرب فرضت على الجيش اللبناني. ومرة جديدة يدفع لبنان ثمنا باهظا لتورط “حزب الله” في الدماء السورية. فقبل تورط الحزب في الحرب ما شهد لبنان حادثا امنيا واحدا، اللهم اذا ما استثنينا الاغتيالات والاعتداءات والغزوات التي نفذها “حزب الله” بالتضامن والتكافل مع النظام في سوريا. هذه حقيقة لا يمكن التعامي عنها، ولا يمكن طمس حقيقة أخرى مفادها أن تورط “حزب الله” في الدماء السورية دعما لبشار الأسد ونظامه وفق قرار ايراني غير خاف على أحد، تسبب بمقتل مئات الشبان اللبنانيين من مسلحي الحزب الذين دفعوا ليحترقوا في نار حرب ما كانت لهم فيها يد في الاصل. هذه الحقيقة المُرة ينبغي التذكير بها كل يوم، لأن السكوت جريمة أكبر من جريمة التورط الدموي في سوريا. ومن هنا أيضا كانت ايدي الحزب ملطخة بدماء جنودنا.
ومن المحزن أن يكون جيش لبنان، كل لبنان، وجنوده أبناؤنا جميعا، هم من يدفعون ثمن تلك السياسات الجهنمية التي ما جرّت على لبنان سوى الانقسامات، والاحقاد، والدماء، والدمار، وقد صح قول عزيز علينا رحل قبل بضعة اعوام هو الصحافي الكبير سهيل عبود، أن “حزب الله” هو في ذاته مشروع حروب، ولن يقدم لبيئته سوى حرب لا نهاية لها. صح قول سهيل عبود، وحين يرى اللبنانيون، واولهم ابناء البيئة الحاضنة ان “حزب الله” لم يكتف بالتورط في الدماء السورية، بل تعداها الى العراق، فاليمن وفلسطين. بئس تلك السياسة التي تجمع في مشهد واحد جزّار سوريا بشار الأسد، وبطل الفتنة المذهبية في العراق نوري المالكي!
لا يمكن المسوؤلين اللبنانيين، ولا سيما العاقلين بينهم، التلطي خلف زجليات تمجد الجيش، وهي تبكي شهداءه، أو خلف تزاحم صغار المخبرين في الاجهزة على رفع لافتات في الشوارع، أو حتى خلف حملات التحريض المعروفة.
هذا أمر نتمنى ألا يغيب عن الذهن في الحوار الذي يتوقع ان ينطلق خلال ايام بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، على قاعدة أن الثوابت تبقى ثوابت، ويمكن التوافق على المتغيرات. لذا كان من الضروري إعلام “حزب الله” بوضوح أن لا تغيير في شأن معارضة وجود سلاحه، واستمرار جناحه العسكري – الامني، ومضيه في تنفيذ اجندة سياسية – امنية اقليمية لحسابات لا تعني لبنان.
إذا كان الحوار الذي رحبنا به لدى الاعلان عن انطلاقه، يبدأ من البحث الجدي في انجاز الاستحقاق الرئاسي لجهة تحديد مواصفات رئيس تسوية، ثم جوجلة الاسماء بالتوافق مع الشركاء المسيحيين في المعسكرين، فإن مسؤولية القادة المسيحيين مضاعفة في هذا الاطار، على قاعدة أن المسيحيين معنيون قبل غيرهم بحماية موقع الرئاسة الاولى المسيحي. وقد خطا مرشح قوى ١٤ آذار الدكتور سمير جعجع خطوة كبيرة نحو التسوية بإعلانه استعداده الانسحاب لمصلحة مرشح تسوية. ولم يبقَ إلا ان يلاقيه مرشح ٨ آذار في منتصف الطريق للتوافق على مرشح تسوية.