ليت الجميع يكفّون عن هذا الخطاب السياسي المتشنّج. ليتهم يتّقون اللّه في هذا البلد الذي آن لشعبه أن يتنفّس قليلاً، على أمل أن تنتهي هذه المرحلة الدقيقة التي يضع فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إصبعًا متحفّزة على زناد عملية في المنطقة لا يُعرف ما إذا كانت ستحصل أو لا، وفي أي توقيت: ساعات، أياماً، أسابيع!
ليتهم يتوقفون عن هذه المزايدات الرخيصة. فربما يخف هذا الجو الإنفعالي الخانق الذي يزيد في القسمة الحادّة العمودية بين ابناء الشعب اللبناني الذين من حقّهم أن يلتقطوا أنفاسهم بعدما وفّر لهم هذا العهد أجواءً ملائمة لممارسة حد من الديموقراطية إفتقدناها من زمن.
كنّا مهزلة في نظر العالم. فإذا بنا نتفوّق على الذات فننجز موازنة، ونقر قانوناً للإنتخاب، ونحصل على دعم دولي عبر مؤتمرين بارزين (روما وباريس) والثالث على الطريق (بروكسل)، ونتوجه الى القمة العربية بصف حكومي واحد.
نحن لا ندّعي أن ذلك بمثابة إنجازات لم يسبقنا إليها أحد، فقط نلفت الى حيث كنّا وحيث صرنا. كان العالم يتناولنا بأبشع الأوصاف فبتنا محط الإهتمام الدولي الكبير… صحيح أن وراء ذلك حرصاً على مصالح وإهتمامات دولية لا يرقى إليها الشك، إلاّ أنه محصلة قيام عهد جديد بعد طول فراغ رئاسي، وقيام حكومة وحدة وطنية، وتحقيق تفاهم فتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ورضى من رئيس مجلس النواب.
يحدث هذا في وقت تسير عملية التنقيب عن النفط والغاز في مسارها السليم…
وفي الأسابيع المقبلة يكون عندنا مجلس نيابي جديد لاشك في أنه سيفرز «حقائق نيابية» جديدة قد لا تكون كبيرة، ولكنها ستكون لافتة بالضرورة بعدما أفسح القانون الجديد، بالرغم من علاّته الكثيرة، في المجال أمام الجميع ليظهر كل طرف قدرته، فلا بوسطات ولا قاطرات أقلّه بالقدر الذي كان معهوداً في الماضي، خصوصاً في مرحلة ما بعد الحرب.
صحيح أنّ هذه الإيجابيات (ويمكن تعداد سواها أيضاً الكثير) لم يلمسها المواطن الذي يعاني كثيراً جرّاء الوضع المعيشي الصعب، ولكنها تشكل أساساً يمكن البناء عليه في الحكومة التي ستلي قيام المجلس النيابي الجديد، وعندئذ سيكون النواب الجدد أمام إمتحان كبير إن في سرعة تشكيل الحكومة أو في فرض رقابة فاعلة عليها.
سقنا ما تقدّم كلّه لنقول إنّ هذا التشنّج الذي نلمسه كل يوم ونشاهد كما نستمع الى نماذج عديدة عنه، من اتهامات وشتائم وقدح وذم، (…) يجب أن يتوقف. مع الملاحظة أن من يوجهون التهم ليسوا ملائكة ولم يكونوا كذلك أبداً… فاللبنانيون يعرفون بعضهم بعضاً بالتفاصيل!
تكراراً: إتقوا اللّه في هذا الوطن وفي هذا الشعب.