IMLebanon

علامات استفهام بدأت تطرح حول جدوى تجربة «لقاء العشرة» في بعبدا

    ذهنية المحاصصة تحاصر التعيينات والتشكيلات.. ولا علاج للنازحين قبل تسوية المنطقة

    ما يقال عن الموازنة و«السلسلة»  في العلن يقال عكسه خلف الكواليس

بدأت تطرح في الصالونات السياسية علامات استفهام حول تجربة «لقاء العشرة» في قصر بعبدا، ويذهب البعض في معرض الحديث عن هذا اللقاء إلى القوى بأنه غير مشجع بدليل أنه لم يطرح أي ملف حقيقي على بساط البحث، ولم تتم مقاربة أي مادة خلافية مخافة تفاقم التوتر السياسي، لا بل حصل انقسام حاد تجاه أول ملف طرح في مجلس الوزراء والمتعلق بالنازحين السوريين وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة لن تكون مريحة خصوصاً وأن ملفات كثيرة يفترض نفض الغبار عنها ومعالجتها وفي مقدمة هذه الملفات التشكيلات الدبلوماسية والتعيينات القضائية ناهيك عن الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، حيث تفيد كل المعطيات بأن أياً من هذه الملفات لم يحصل حولها تفاهمات سياسية وأن الصراعات ما تزال تحوط بهم وتحول دون المعالجة.

ولا يكفي أن يرسم «لقاء بعبدا» خارطة طريق للحكومة ولمجلس النواب على مدى الأحد عشر شهراً التي تفصلنا عن موعد اجراء الانتخابات النيابية، بل كان يفترض أن توضع الملفات الملحة على الطاولة والاتفاق على وضع الأطر الكفيلة بمعالجتها بما يتوافق والعنوان الذي انعقد اللقاء لأجله وهو تفعيل العمل الحكومي.

من المؤكد أن هناك نوايا حسنة من وراء القصد من هذا اللقاء، ولكن هذا لا يكفي ما لم تكن هذه النوايا مقرونة بخطوات حسية يشعر من خلالها المواطن بأن هناك تبدلات طرأت على حياته المعيشية، وأن بعضاً من همومه اليوم لم يعد لها من وجود بفعل الإجراءات التي تتخذها الحكومة في سبيل تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.

كل ذلك يوجب الاسراع في وضع الخطط والبرامج الرامية الى تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي وهذا يحصل من خلال سلة انتاجية من المشاريع تحيلها الحكومة الى المجلس لدرسها والمصادقة عليها لتشكل بدورها رافعة حقيقية وقوة دعم ودفع للحكومة في رحلتها الممتدة حتى حزيران المقبل.

وفي هذا المجال تسأل مصادر سياسية ما الذي يمنع التعيينات الادارية والدبلوماسية والتشكيلات القضائية ما دام كل القوى السياسية تعلن جهاراً بضرورة ابعاد هذه الملفات عن الضغوط السياسية، وما الذي يمنع من اقرار سلسلة الرتب والرواتب ما دام الجميع من وزراء ونواب يقرون ويعترفون بأن هذه السلسلة هي حق للموظفين والعسكريين، وما الذي يمنع ايضاً من اقرار الموازنة ما دام الجميع يعترف بأن غالبية العلل الموجودة ناجمة عن عدم اقرار هذه السلسلة منذ العام 2005.

إن هذا الواقع يؤكد بأن ما يقال في العلن هو مختلف تماماً عما هو مضمور لدى السياسيين الذين فشلوا حتى هذه اللحظة من فصل مكاسبهم السياسية والطائفية عن أي ملف يطرح مهما كان نوعه، كبيراً كان أم صغيراً، وهذا يعني اننا سنبقى رهن التجاذبات السياسية ما دامت ذهنية تقاسم الحصص هي السائدة لدى كبار القوم.

وترى هذه المصادر انه من المعيب تجاهل الملفات الكبيرة وتركها جانباً بفعل الخوف من تفجر الصراعات السياسية حولها، فإذا كان الكلام عن رغبة حقيقية في تفعيل العمل والدفع في اتجاه ترتيب البيت الداخلي هو كلام جدي، فما على المسؤولين الا طرح كل الملفات على بساط احمدي ومقاربتها من منطلق الرغبة الجدية في التعويض عما فات ونقل البلد من حال الى حال على جميع الاصعدة.

غير ان هذه المصادر تشكك في الوصول الى هذه المرحلة، وترى ان الواقع اللبناني سيبقى على حاله الى ان تنضج التسوية في المنطقة، لان لبنان وإن لم يشمله حريق المنطقة بشكل مباشر فإنه جزء من كل، فهو ليس في جزيرة معزولة والمعروف عنه انه من بين اوائل الدول التي تتأثر سلباً ام ايجاباً بأي متغيرات تطرأ في الشرق الاوسط.

من هنا، فإن المصادر تعتبر انه من المفيد المحافظة على الحد الادنى من الاستقرار السياسي والامني وانتظار اتجاه الريح في المنطقة التي هي الآن موضوعة على الطاولة الدولية، وان المقص على ما يبدو بات جاهزاً للعبث بخارطة دولها، فإذا لم نكن محصنين بما فيه الكفاية على المستوى الداخلي فإنها حكماً ستنجح الرياح العاتية التي تضرب المنطقة من تشليع ابوابنا ونوافذنا، وبالتالي يطلب منا دفع اثمان لا قدرة لنا على دفعها، وفي مقدمة هذه الاثمان توطين ما امكن من نازحين ولاجئين على الاراضي اللبنانية بما يتوافق والخارطة الجديدة التي ترسم ان في سوريا أو العراق أو اليمن أو غيرها من الدول التي ربما يأتي على أجزاء منها هذا المقص الذي استخدم في تقسيم المنطقة منذ ما يقارب المائة عام نتيجة اتفاقية «سايكس بيكو».