IMLebanon

هناك من يلعب بالنار

هناك مثل لبناني، وُجد ربما، لتوصيف حالة اجتماعية، تتعلق بنشوب شجار و«نقار» داخل البيت الواحد، عندما تسيطر «القلّة» على البيت.

هذا المثل، يمكن ان يستعمل ايضاً في توصيف حالة سياسية، كالحالة التي يمر فيها تكتل 14 اذار، وسبق ومر بها منذ العام 2005، حين وجد نفسه غير قادر على استثمار نجاحه في الانتخابات النيابية، او داخل الحكومة ومجلس النواب، لان هناك قوة قاهرة، ما زالت موجودة منذ ذلك التاريخ، تحول دون تطبيق النظام البرلماني الديموقراطي الذي يقول بان الاكثرية تحكم والاقلية تعارض، وتفرض ديموقراطية توافقية، تحت ستار احترام الميثاقية، واذا لم يؤخد موقفها في الاعتبار، فان سلاح التعطيل، حاضر، لتعطيل مجلس النواب، والحكومة والمؤسسات والاستحقاقات الدستورية، وسلطة الدولة وسيادتها، وهذا الواقع المعيوش، خلق مع الايام «قلة» من الحلول لدى 14 آذار تحافظ فيها على الدولة والوطن والكرامات، فذهبت الى الحلول التنازلية، التي قبلها البعض ورفضها البعض من مكونات قوى 14 آذار، فبدأ «النقار» داخل 14 آذار، يقوى ويشتد، ويأخذ احيانا اشكال «النقار» السياسي، واحياناً اشكال «النقار» المذهبي، واحيانا «النقار» الطائفي، الذي اندلع منذ ايام قليلة في الصحف والاذاعات والتلفزيون وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وكاد يؤدي، لولا حكمة الدكتور سمير جعجع، ومبادرة الرئيس سعد الحريري، والمخلصين من الطرفين الى تبريد الحالة الغاضبة واستيعابها، الى حالة عالية جداً من التشنج الذي يمكن ان يخرج عن السيطرة وهذا الامر ان دل على شيء فعلى «قلة» الخيارات التي تملكها قيادات 14 آذار، ما يضطّر كل مكوّن الى اخذ خيار يتناقض مع خيارات المكوّنات الباقية، ومن البديهي عندها ان يقع «النقار» داخل البيت الواحد، مثلما حصل مع الدكتور جعجع والرئىس الحريري، عندما اخذ كل منهما خياراً مختلفاً عن الآخر، او يتناقض معه.

***

حتى لا نعود الى الماضي، ويسارع كل فريق الى تحميل الاخر مسؤولية ما يحصل، اريد ان انبّه الى حالة مستجدّة، ذكرتني بحالة سابقة، اعتقد انها لو عولجت يومها بحسّ وطني، وبرغبة الحريص على الشراكة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين لما كنا وصلنا اليوم الى هذا التردي في الدولة، والتردّي في العلاقات الانسانية بين المواطنين، عنيت بها التحالف الرباعي الذي حصل في انتخابات العام 2005، بين تيار المستقبل وحزب الله وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي، ولم يكن هناك رأي او دور للقوات اللبنانية، التي كان قائدها في السجن، وكل همّها وتركيزها على اخراجه حيّا من قبر وزارة الدفاع، لأنه كان بامكان الممسكين بالدولة يومها ان يعملوا على ان يكون التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية الضلع الخامس في هذه التركيبة، خصوصا انه كان شريكا قويا في انتفاضة 14 آذار، وكان مرجّحا ان يكون اليوم في قلبها.

الحالة المستجدة التي اشرت اليها، قرأتها خبرا في الزميلة «السفير» نقلا عن مرجع لبناني، انه في غياب انتخاب رئىس للجمهورية، وقد يطول «باتت هيئة الحوار، كما يسمّيها احد الاقطاب هي الحكومة الفعلية، وتوازيها حكومة مصغرة تمكنت من صياغة معظم القرارات السياسية والامنية والادارية (وهنا الكارثة) تقتصر عضويتها على حزب الله والمستقبل، بالشراكة الكاملة مع رئىس مجلس النواب نبيه بري؟!

تعليق صغير… هناك من يلعب بالنار؟؟