IMLebanon

نعم… هناك من يعمل  على خراب البلد

في معرض تعليقه على همروجة الأحداث المستجدة على الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة، تساءل الرئيس تمام سلام وقد أزعجته وأنهكته حماوة تلك الأحداث وما واكبها من تعليقات البعض وتلفيقاتهم: هل ترضى القوى السياسية بخراب البلد؟!، ولعل جملة من الإجابات الفورية قد أطلقتها جملة من السامعين والمتابعين، قد قالت بالفم الملآن: نعم… هناك جملة من السياسيين الراضين كل الرضى عما يعم البلاد حاليا من معالم الخراب القائم والمشغول له والمفبرك خصيصاً للقبض على مقاليد الأمور في هذا البلد المنكوب والمخروب، وهي تكون في غاية الرضى لو أن الخراب والتخريب تزداد وتيرته ويتضاعف أثره، بما يؤدي إلى استمرار الأوضاع العامة القائمة على وتيرتها السيئة ومساوئها الموصوفة، ذلك أن المخططات المرسومة ما زالت تتكتل وتتشكل ضمن مربعات تآمرية تستهدف قلب الأوضاع بما تيسر لها من السبل الممكنة وبدون اللجوء إلى العنف العسكري، وبالإكتفاء آنياً، بالعنف والجهد السياسي في هذه المرحلة الحرجة التي ما زالت الدولة تبحث خلالها، عن رأس لها متموضع في قمة جسدها العليل، مما يعيد إليها شكلها وأساسها الديمقراطي وميثاقية ودستورية وقانونية أوضاعها.

نعم، هناك من يعمل على خراب البلد، وقد أحكم الحجر عليه من قبل من في يدهم مقاليد الحجر ووسائل التجميد التي تم بصددها ربط كل أوضاعه وحركته وآماله بحل ملحق بخارجٍ أحكم الطوق على توجهات الدولة وقراراتها، وذهب البعض إلى حد تصدير التدخل العسكري إلى الدول المجاورة، متجاوزاً بذلك كل مطالبة داخلية مستندة إلى الميثاق الوطني والدستور اللبناني، وألف باء الحياة والقواعد الديمقراطية المعهودة في العالم الديمقراطي بأسره، وقد دفعت البلاد نتيجة لذلك، ثمناً غالياً متمثلاً بتقسيم واقعي وفعلي إلى دولتين متوافقتين ظاهراً، ومختلفتين ومتناقضتين في حقيقة الأمر، ويتمثل ذلك بدولة شرعية ظاهرها توافق اللبنانيين جميعاً وتلاقيهم من حولها وتحت جناحها، ودويلة شبه مستقلة لها جيشها ودولتها الخاصة  وارتباطاتها السياسية والعسكرية والمذهبية والايديولوجية بخارج يسعى جهده لتمرير وتطوير نفوذه وسطوته وسلطته على ما أمكنه من المنطقة شرق الأوسطية، وصولاً بمدّها إلى شواطئ البحر المتوسط متمثلا بالشاطئ اللبناني في أي من زواياه وخباياه التي تمكن الظروف من إيصال أسطول السطوة الإيرانية إليها، وبعد ذلك يصبح تساؤل رئيس الحكومة في موضع تساؤل العارف والمؤكد على واقع مؤسف تدور البلاد في حلقاته المفرغة التي تصنع له حيثما كان، فراغات تلو فراغات باتت تزحف بالوطن كله وبالمواطنين جميعاً، نحو مهاوي المجهول والخراب والدمار المرعبين. هو الرئيس الذي يقوم بما يشبه المعجزات لإبقاء رأس مستعار في قمة الجسد اللبناني العليل، علنا بذلك أن نقنع الغريب والقريب، بأنه ما زالت لدينا دولة وما زال لدينا جيش يحمي حماها وقوى أمنية تحفظ أمنها الداخلي.

هل ترضى القوى السياسية بخراب البلد ؟

 نعم يا دولة الرئيس، بل هناك من يريد خراب البلد عن سابق تصور وتصميم، هناك من لا يريد البلد على شكله وأسسه القائمة، هناك من يرى فيه امتداداً متلازماً مع الزحف الإيراني نحو المنطقة، وهو الزحف الذي يلازم ويوازي الزحف الداعشي باخطاره الداهمة والمغرقة في سلفيتها العقائدية.

وها هي تطورات الأحداث الداخلية والإقليمية تثبت وقائع مفزعة، من خلال تطورات هذه المسيرة المتوازية ما بين قوتين متنافستين ما بين نهجين متلازمين في الواقع، وإن اختلفا في بعض الشكليات التي تجعل من أحدهما مجنوناً ومجرماً في طموحاته وتصرفاته، والآخر متسلحاً بالدهاء والقدرة الأنجح والأفعل.

نعم يا دولة الرئيس.

هناك من يريد الإستمرار في كيل الأوضاع الداخلية بمكيالين، وها هو الوزير المشنوق وهو العالم بالوقائع والحقائق والخبايا والخفايا، يبق البحص بكثرة ووفرة وجرأة، ويدل على مواقع الخلل والإصرار على الإمساك الخاطئ بمقاليد البلاد والعباد، مصمماً على إيصال لبنان إلى موقع تهتز فيه العدالة والمساواة بين فئات المواطنين وتتعاكس في توجهاتها وإجراءاتها، الأمر الذي يقود البلاد اليوم إلى هذه الهوة المخيفة التي سيدفع ثمنها المكلف، اللبنانيون جميعاً في أي موقع أو منطقة تموضعوا، وإلى أي مذهب أو حزب أو عقيدة انتموا، وكائناً ما كانت الأسباب التي دفعت بالوزير المشنوق إلى رفع الصوت والنبرة إلى حد التصريح بأنه « ما ماشي الحال هيك «، ذلك أن ما صدر عن وزير الداخلية من تصريحات غير إعتيادية أدلى بها وزير مسؤول ومنتمٍ إلى تيار في قمة المسؤولية وموقع القرار، وهو أمر لا يبشر بالخير، ولا يدل إلاّ على أجواء مقبلة حافلة بالغيوم السوداء والإضطراب والتهجم المقلق.

إن ردات الفعل على تصريحات الوزير المشنوق قد قوبلت بمكنونات سياسية ومذهبية لدى البعض حافلة بالتنكر المؤسف للدور الذي تلعبه الطائفة السنية والإعتدال السني في هذه الأيام الحافلة بكل الحقن الطائفي والمذهبي، مشيرين إلى استفتاء أجرته احدى وسائل الإعلام، أشارت بنتائجه إلى أن نسبة الرافضين للشطط والإجرام التكفيري القائم قد بلغت نسبته في اوساط الطائفة السنية 97% وما تبقى يتراوح بين متحفظ، وبين نثرات قليلة من التأييد لا تتجاوز الواحد بالمائة، الأمر الذي يجعل من ترهات البعض ممن يصرون على الإتهام الظالم للسنة بأنهم بيئة حاضنة للإرهاب وسيلة من وسائل الغش والخداع السياسي الذي يقلب الحقائق رأسا على عقب ولا يعترف للقيادات السنية المعتدلة، سواء تلك المتمثلة بالرئيس سعد الحريري أم بالقيادة الدينية، المتمثلة بالمفتي الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان، بدورها الوازن والفاعل والرادع لجملة من الإحتمالات الخطيرة التي كان يمكن أن تسود في البلاد لو كانت تلك الترهات المفبركة على شيء من الصحة. إن الأبواق التي تتجنى على فئة ميثاقية هامة من اللبنانيين راضية كل الرضى بخراب البلد، بل هي جاهدة على كل الساحات لاحقاقه وتطويره وترسيخه… لغايات في نفس يعقوب ولاستهدافات تركز على خلخلة الأسس الميثاقية التي قام عليها والمتمثلة بصفاته التعددية في طوائفه وخصائصه وميزاته والتي جعلت منه لؤلؤة في هذا الشرق الذي لطالما تاق الكثيرون إلى اقتباس نجاحاته وإشراقاته وتفوقه الحضاري والثقافي والعلمي. نعم يا دولة الرئيس، هناك قوى سياسية تسعى إلى خراب البلد، وإن من يصرون على اتهام السنة بأنهم بيئة حاضنة لظنونهم واختلاقاتهم، سيكتشفون في مقبل الأيام، ان هؤلاء قد كانوا في طليعة من انقذوا لبنان من مخربيه ومدمريه ومن الأخطار الداعشية التي تطاوله بكل إشكالها وأنواعها وانتماءاتها، ولهم ولأمثالهم من رفاق الدرب الإنقاذية الواحدة إلى أية فئة انتموا، كل الفخر وكل الإعتزاز.