يا غبطة البطريرك، رئاسة الجمهورية شاغرة منذ ما يقارب السنتين، ونحن منذ شغورها لا نزال نصلّي لكي يمنّ الله على السعودية وسوريا، (س . س .) وعلى إيران والسعودية (أ . س .) بالودّ والحنين والإتفاق المبين.
وسنظل ننتظر استهلاك كل الحروف الإبجدية الثمانية والعشرين، إذا تخليّنا عن الأبجدية المارونية ومسؤوليتها.
منذ أن وقع الفراغ الرئاسي، إنطلقت المشكلة مارونيةً، واستمرت مارونية وتأزّمت مارونية، ولا تزال سلعة يتقايض عليها المتبارزون في سوق عكاظ، وعلى ثيابها يقترع الفرِّيسيّون.
أسألك يا صاحب الغبطة ببراءة ساذجة: إذا اتفق المرشحان المارونيان المطروحان، أو إذا هما انسحبا من حلبة الصراع الموتور، هل يتمُّ انتخاب رئيس أو لا. . .؟
وإذا سلّمنا جدلاً بأن الجواب لا . . . فلماذا إذاً لا نُسقط الذريعة المارونية التي يستغلّها المراهنون على التعطيل الرئاسي وتعطيل الحضور الماروني السياسي والحق الماروني الوطني، ولماذا نستمرّ في تأكيد الزَعمِ بأن الموارنة كانوا وراء كل المواقف السلبية
وكلِّ مراحل التعطيل منذ سنة 1975 حتى اليوم.
وإخالك يا غبطة البطريرك تسألني في المقابل: وماذا عليَّ أن أفعل. . ؟
وعلى الرغم من أن لي معك ثلاث جولات في هذا المجال أسفرت عن وضع خريطة طريق ما أزال مصرّاً على جدواها ، فإنني أرى، والأمر قد استفحلت أخطاره، أن معالجته لم تعد تصحّ بالصلاة، لأن الصلاة لا تنفع إلا المؤمنين، ولأن المسيح نفسه إنتفض غاضباً عندما جعلوا من بيته مغارة للصوص، فما عليك والحال هذه إلاّ أن ترفع صوتك وتحمل سوطك في وجه لصوص الهيكل وقد جعلوه مأوى للغربان ومتجراً للصلبان.
إصعد منبرك التاريخي وحوْلَكَ كوكبة مختارة من الموارنة وحشود من المؤمنين وقلْ كلمتك الفصْلَ، وارفع أصابعَ الحسْمِ كالبار الذي هو بحسب قول رهباني: «إذا رفع أصابعه أمام المؤمنين يرونها شموعاً عشراً . . .»
وانت . . . أنت الراعي الذي عناه الشاعر بالقول :
ومَنْ رعى غنماً في أرضِ مسْبعَةٍ
وغابَ عنها تولّى رَعيَها الأسَدُ.
في المحطات التاريخية والملّمات الكبيرة كان للبطريركية موقف كبير.
موقف البطريرك الياس الحويك حقق لبنان الكبير. . .
وموقف البطريرك أنطوان عريضة صان استقلال لبنان الكبير. . .
وقديماً أدلى البطريرك عريضة بموقف لصاحب جريدة «الصحافي التائه» نقيب الصحافة اسكندر رياشي يقول فيه: «إنَّ المسلمين ليسوا عبيـداً للفرنسيين. . .» وحين قرأ السياسي والشاعر السوري فخري البارودي هذا التصريح في المسجد الأموي في دمشق إنطلقت تظاهرة تنادي «لا إله إلا الله والبطرك عريضة حبيب الله».
ولأن الصوت الإسلامي في لبنان اليوم يكاد يعلو الصوت المسيحي مطالباً بسدّ الفراغ الرئاسي، فإن المسيحيين ينتظرون موقفاً تاريخياً منك لينادوا مع المسلمين: «لا إله إلا الله والبطرك الراعي حبيب الله . . .»