الأسلوب «السلحفاتي» الذي تعتمده الحكومة لمعالجة مشاكل لبنان الكثيرة والخطيرة، يدلّ على صدق ما قاله مسؤولون اوروبيون، أن اللبنانيين «غير جدّيين» في بدء تنفيذ ما نصّت عليه مقررات مؤتمر «سيدر».
عدم الجدّية هذا بارز في عدم التزام السرعة بأخذ القرارات الواجب تنفيذها، قياساً على ضيق الوقت الباقي من المهل المقررة، ولا على خطورة الكوارث التي يواجهها الشعب اللبناني، مثل كارثة التلوّث الواسع الذي يصيب جميع المناطق اللبنانية، ماءً وهواءً، وتربة، وغذاءً، والذي رفع حالات الاصابة بمرض السرطان الى نسب عالية، وخصوصاً في البقاع وجزء من الشمال وجبل لبنان، والكلام هنا عن تلوّث حوض الليطاني ومصانع الترابة في شكا، وانبعاثات معمل الذوق، والسيارات العالقة «بعجقة» السير يومياً، باستثناء الكارثة الثانية، المطامر والمحارق و«الكبّ» العشوائي للنفايات، وحتى الليوم لم يتخذ اي تدبير يرفع او يخفف من اضرار النفايات.
امّا الموازنة، التي لها الدور الاول في تخفيض نسبة العجز، «نحور وندور» حولها، ولا نحدد لها الجلسات ، المتواصلة يومياً لمجلس الوزراء اولاً، ولمجلس النواب ثانياً، ويكثر الكلام على التوظيف السياسي غير القانوني وتغرق الحكومة في الارقام، ولم يتخذ حتى اليوم القرار «الموجع» بهذا الأمر، بسبب التدخلات السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية.
هل يعقل ان الحكومة، لا تعرف حتى الآن عدد الموظفين في الوزارات والادارات العامة. وهناك مجلس للخدمة المدنية يفترض به ان يملك لوائح بجميع انواع الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الدولة؟!
وهل يعقل أن يتم توظيف الآلاف من خارج القانون، ويهمل متطوعو الدفاع المدني، والناجحون في مباريات الخدمة المدنية؟؟
لماذا لم تفتح حتى الان، دفاتر مجلس الانماء والاعمار، ومجلس الجنوب، والمجالس والهيئات الاخرى، التي تعمل بعيداً من اي رقابة؟!
لماذا لا تعالج «طرقات الموت» المليئة بالحفر، وتغمرها العتمة، وتغيب عنها خطوط الحدود، وتبتلع يومياً الارواح البريئة؟
لماذا لا تسأل الحكومة المهندسين الذين نصحوا بهندسة جسر جل الديب، الذي يسدّ الطريق على مئات الوف «الخرفان» عفواً المواطنين الذين يستهلكون يومياً اعصابهم ومالهم، ويلوثون الهواء؟!
هل يعقل ان تعمد وزارة الاتصالات الى رفع اسعار الخليوي، وهي الاعلى في العالم، لأن هناك شركة خليوي احبّت في ايام «البحبوحة» هذه ان تنفق 16 مليون دولار ثمن مفروشات لمبناها الجديد، ولا تسارع الحكومة او مجلس النواب الى مساءلة وزير الاتصالات بشرط ان لا تكون المساءلة مثل مساءلة الحكومة في جلسة يوم الاربعاء الماضي التي كشفت تعاسة حكومات التوافق الوطني.
في النهاية هذه «الشطحات» بين جلسة وجلسة، للحكومة ولمجلس النواب، هل هي لاراحة الوزراء والنواب الذين يتعبون حتى الاجهاد؟