IMLebanon

لا جديد في السنة الجديدة والسنة السياسية تبدأ في الربيع

في الأمثال المتداوَلة أنَّ الغريق يتعلَّق بحبال الهواء، لكن هذا القول لم يعد مجرد مثل بل أصبح التوصيف الأدق لِما هي عليه بعض الملفات والقضايا في لبنان، من حيث أنَّ الغرقى في السياسة اللبنانية، ومن السياسة اللبنانية، يتعلَّقون بحبال الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وبين الحوار المرتقب بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

فالحوار الذي انعقد في جلسته الأولى في عين التينة، وعلى رغم صدق نيَّات الساعي إليه، الرئيس نبيه بري، فإنَّ قضاياه أكبر من ظروفه، فالنقاط الخلافية بين المستقبل وحزب الله غير مطروحة على الطاولة، إذاً كيف ينجح؟

وإذا كانت الأمور السياسية غير مطروحة فما هو المطروح إذاً؟

يعترض تيار المستقبل على مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، وهذا البند غير مطروح على طاولة الحوار، ويعترض على دور السلاح في الداخل، وهذا غير مطروح في الحوار. ملف إنتخابات الرئاسة لم يُطرَح لأنَّ الحزب مازال متمسكاً بترشيح العماد ميشال عون، إذاً بماذا تحدَّثوا في الجلسة الأولى بغير العبارات العمومية إذا لم يكن هناك جدول أعمال محدَّد؟

الواقعيون والمتواضعون يُقرُّون بأنَّ الحوار الذي انعقد في جلسته الأولى هو لتقطيع الوقت أو لملء الوقت الضائع، إلى حين بدء السنة السياسية في الربيع المقبل. وهذه السنة لا تبدأ إلا بالبند الأول وهو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، والثلاثة أشهر المتبقية حتى ذلك التاريخ لن تكون ممتلئة سوى بأجواء الحوار وليس بمضمون الحوار، مع أنَّ شيئاً واحداً يكون قد تحقّق، وهو أنَّ الحزب فتح قنوات مع تيار المستقبل ولم يعد يعيش مرحلة قطيعة معه، وأكمل بذلك سيبة العلاقة مع جنبلاط وقبلها مع عون.

***

الإستحقاق الثاني في الملفِّ الحواري هو اللقاء المرتقب بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، التمهيد لهذا الحوار لم يحدد جدول أعمال، لكنَّ كلَّ قطب من القطبين يحدد أهدافاً غير تلك التي يحددها الطرف الآخر، فالعماد ميشال عون يريد من هذا الحوار أن يسير معه الدكتور سمير جعجع في الموافقة على إنتخابه رئيساً للجمهورية، فيما الدكتور جعجع يريد من هذا الحوار أن يتَّفق مع العماد ميشال عون على مرشَّحٍ لتحقيق الجمهورية القوية. بين عون وجعجع المعادلة التالية:

عون يريد رئيس جمهورية قوي.

جعجع يريد جمهورية قوية، فكيف ستتحقق هذه المعادلة حيث البحث عنها جارٍ منذ ربع قرن؟

في مطلق الأحوال، اللقاء ليس قريباً بين عون وجعجع، وعلى أبعد تقدير لن يكون في ما تبقًّى من أيامٍ من هذه السنة، وإذا انعقد فإنَّه سيبحث في رؤية مسيحية مشتركة، وهذا بحثٌ يُسهِم في مقاربة إنتخابات رئاسة الجمهورية لكنَّه لا يُنجزها.