ليس «كل شيء على ما يرام، يا سيدتي المركيزة». ذلك أنّ ثمة جواً في البلد يدفع المواطن والمقيم الى أن يشعرا بـ«جفلة» ما. من ينكر هذه الحقيقة؟!. من لا يلمسها؟ من منّا، معشر الصحافيين، لا يتلقى، يومياً، ضخاً من الأسئلة: شو في؟ ليش كذا وكذا؟ رح تمرق على خير؟!.
وبرغم الغيوم التي يلبّدونها في الأجواء نبادر الى التطمين: إن هذا مصطنع في معظمه. هناك أطراف عديدة لم تبلع، بعد، أنّ الجنرال ميشال عون بات في سدة الرئاسة. هناك أطراف عديدة وجدت نفسها تنتقل من «اللعبة» الى الواقع. هناك أطراف عديدة «مشت» في المسار الرئاسي من خلفيات عديدة بعضها أنها «طبخة بحص»… وهل نسينا إن التشكيك استمر حتى ما بعد إنزال الأوراق في صندوقة الإقتراع.
ثم إننا وسط المرحلة الأكثر حساسية والأشد دقة في العالم وفي الإقليم: إنها مرحلة إقتراب الحلول بدءاً من سوريا وصولاً الى القرم مروراً باليمن، خصوصاً مروراً بـ«قضية» اللاجئين والنازحين.
كيف تكون هذه الحلول؟ وهل تكون سلمية فتطفىء نيران الحروب أو تكون على قاعدة إنهاء الحروب بإشعال حروب سواها لعلها أخطر وأكبر وأشد فتكاً وأذية؟
والسؤال الأخير يستمد مشروعيته من وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض ومباشرة مهامه في أسلوب يحار الكثيرون في إضفاء توصيف حقيقي عليه. فما جرى في الولايات المتحدة الأميركية يشكل منعطفاً حاداً في سياسة الدولة العظمى التي تستعيد حلم الإستئثار بالتحكم بالعالم، في وقت باتت روسيا ڤلاديمير بوتين في الموقع المتقدم جداً الذي يتعذر تراجعها (أو إرجاعها) عنه من دون صراع مرير من شأنه أن ينعكس على العالم كلّه، وعلينا في لبنان تحديداً. فنحن في قلب العاصفة، ولا تزال الأعجوبة وحدها تنأى بنا عن الغرق في أتونها وإن كانت رياحها الحارّة تلفحنا بقوة.
وفي تقديرنا أنّ المسؤولية في الحفاظ على هذه المسافة، بيننا وبين امتداد اللهيب الينا وإستعاره على أرضنا ليست وقفاً على الرئيس ميشال عون وحده، بل هي أيضاً على «أطراف التسوية» كلّها… الأطراف التي توافقت على الجنرال رئيساً من دون أن يكون بينها، كلها، توافق على المرحلة التي تلي الإنتخابات الرئاسية.
ولقد يكون ضرورياً الإعتراف، وإن متأخراً، بأنّ الرئيس نبيه بري كان على حق عندما قال بالتسوية «سلفاً» وربما كنّا (وسوانا) على جانب من الخطأ عندما عارضنا تلك «السلّة» الشهيرة.
لذلك نكرر إن الأطراف التي أسهمت بالتسوية الرئاسية مطلوب منها بإلحاح أن تحفظ الإنجاز الرئاسي المهم. وهذا يشمل (الى فخامة الرئيس بالطبع) كلاً من حزب اللّه والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، بقدر ما يشمل سائر الأطراف اللبنانية، لأنّ هبوب العاصفة لن يستثني أي طرف أو فريق. ولقد يكون في مقدمة ما هو مطلوب تطمين اللبنانيين الى أمور عديدة أبرزها أن الحرب مع إسرائيل لن تقع… وأنّ المصالح الآنية و«الاستراتيجية» التي سعى إليها كل من أطراف التسوية لا يمكن أن تتم على حساب الأطراف الأخرى، وأن موسم الإصطياف (ونحن على أبوابه) يجب أن ينجح…
وإلاّ فإنّ المثل الفرنسي الذي وضعناه عنواناً لهذا المقال هو صحيح، وبالتالي فالإستمرار بالرنين سيولّد صداعاً خطراً جداً.