«لن يخرج الناس من الشارع، وهذا الامر بات واضحا لكل من يملك عينا لترى وأذنا لتسمع، فهيا نبحث عن الحلول التي قد ترضي هذا الشارع»، يقول مصدر وزاري لدى سؤاله عن المسار الذي تتجه اليه الامور. لم يكن مسؤولو الدولة اللبنانية قد اقتنعوا، حتى يوم أمس، بجديّة الحراك والمطالب، فبعد أن اعتبروها باليوم الاول «قنبلة صوتية»، وباليوم الثاني «دخانية»، وباليوم الثالث «أجندة خارجية»، باتوا يعتبرونها اليوم تظاهرات شعبية وطنية يجب التعاطي معها على هذا الاساس رغم الخروقات فيها.
بعد أن فشلت الورقة الإصلاحية بإقناع الناس للخروج من الشارع، وفشل مسعى الحكومة باستعمال القوة «الخفيفة» لفتح الطرقات، على اعتبار أن فتحها سيضع المتظاهرين في ساحات ضيقة تخلق الملل في نفوسهم، بات الواقع يفرض دراسة الحلول التي يمكن أن تخفف غضب الشارع. وفي هذا السياق تشير مصادر سياسية موالية للحكومة الى أن المسؤولين تبلّغوا رسائل أجنبية تشدد على ضرورة احترام المتظاهرين ومطالبهم، وعدم التعاطي معهم بالقوة المفرطة وفضها، وفي نفس الوقت عدم اللجوء حاليا الى خيارات قد تسبب الانهيار، كالاستقالة بظل غياب رؤية واضحة حول المسار الذي تسلكه البلاد بعد الاستقالة.
وتضيف المصادر: «قد لا يعلم المواطنون حجم الخسارة التي قد تترتب على لبنان جرّاء استقالة الحكومة، اذ سيكون هذا الامر ضربة قاضية لنظرة المؤسسات المالية الدولية الى لبنان، وبالتالي سيصبح مركز لبنان المالي متدنيا الى درجة تمنع أي دولة أو طرف أو جهة من مد الخزينة اللبنانية بالمال ولو ارتفعت الفوائد الى أرقام قياسية»، مشيرة الى أن «مستوى الخطر المرتفع الذي تتسم به المرحلة الحالية في لبنان لا تلغي إمكانية وصول الاموال والقروض في «سيدر»، انما بحال فًقدت الثقة فلن يصل شيئا».
وتكشف المصادر أن استقالة الحكومة ليست بيد رئيسها ومن معه فقط، بل أن السفراء الذين التقاهم الحريري مؤخرا أكدوا دعم بلادهم لبقاء الحكومة، مشيرين الى أن استقالتها ستضع لبنان في المجهول، وبالتالي ليست المطالبة ببقاء الحكومة مطلب حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل فقط، بل باتت مطلبا دوليا، ما يجعل فكرة الاستقالة بحاجة الى قرار داخلي وخارجي.
تعلم المصادر أن التحجج بالوضع المالي لن يُقنع الشعب المتظاهر، لذلك لا بد من القيام بأمور أخرى. وتقول: «كل ما حُكي أمس وما قبله عن أفكار حكومية للمعالجة هي أمور عارية من الصحة، اذ يوم أمس اقتنع أحد اهم الاحزاب السياسية في البلد بجدية التحركات، رغم كل محاولة «ركوب الأمواج» التي تحصل»، مشيرة الى ان الأفكار التي قيل أنها تُبحث سابقا عن تعديل حكومي أو استقالة، لم تُطرح». وفي إجابة حول حقيقة الوضع السياسي اليوم تجيب المصادر: «إذا إستمر الوضع على ما هو عليه فإن الإقتصاد الوطني المتوقف تماما عن العمل سيخسر يومياً بحدود 150 مليون دولار، ولن تكون الخيارات كثيرة، ولكن السؤال الذي يدفع الجميع لعدم الاستعجال في أي موقف هو: هل يرضى الشارع بتعديل وزاري فيخرج من الشارع؟ ماذا لو لم يرض الشارع بالاستقالة إن حصلت وانتقل الى مطالبات لاحقة فكيف يكون الموقف الرسمي عندها، وماذا لو لم يوافق المجتمع الدولي على الاستقالة أصلا؟».