لم ينجلِ غبار الحكم على المتّهم ميشال سماحة بعد. ردود الفعل والاعتصامات هزّت البلد بعد أقلّ من 24 ساعة على صدور قرار هيئة المحكمة العسكريّة الدائمة برئاسة رئيسها العميد الركن الطيّار خليل ابراهيم.
وبالرغم من الضغط السياسي الذي يشدّ على خناق قضيّة سماحة منذ لحظة توقيفه ومروراً بتسريع محاكمته وصولاً إلى طلب النيابة العامة التمييزية من مفوّض الحكومة في المحكمة العسكريّة الطعن بالحكم، فإنّ المسار القانوني باقٍ على سكّته القانونيّة الطبيعية. فما أن يتسلّم طرفا الخصومة الحكم (تسلّمه مفوض الحكومة أمس)، حتى يبدآ بالتحضير للطعون التي ستقدّم إلى محكمة التمييز خلال المهلة القانونيّة المحدّدة، أي الشهر.
في الشقّ القانونيّ، فإنّ المادة 74 من قانون القضاء العسكري واضحة بهذا الشأن، إذ أنّها تجيز لمفوّض الحكومة وللمدعى عليه تمييز الحكم في ثلاث حالات: الصلاحيّة، وجود خطأ في القانون، أو في حال وجود خطأ بالمعاملات الجوهريّة المفروضة تحت طائلة البطلان. كما أنّ المادة 75 قضاء عسكريّ تنصّ على أنّه يحقّ لمفوّض الحكومة التمييز بحسب الشروط المدرجة في المادة 74 وفي حالة البراءة وإبطال أو كفّ التعقبات أو إعلان عدم مسؤوليّة التّهم أو في حال سقوط دعوى الحقّ العام.
ولأنّ المادتين 74 و75 لا تجيزان صراحة لمفوّض الحكومة لدى «العسكريّة» تقديم طعن في حالة ميشال سماحة بعد إدانته، فإنّ الباب الوحيد الذي ما زال مفتوحاً هو فلسفة القانون والسير نحو الاجتهادات القانونيّة التي قد تجيز لأوّل مرة أن يقوم مفوّض الحكومة بتجزئة الحكم الصادر عن المحكمة بعد أن نال سماحة البراءة عن تهمة محاولة القتل وأدين بتهمة نقل الأسلحة. وبالتالي، فإنّ مفوّض الحكومة ينتظر ليتأكّد ما إن كانت كلّ التهم الموجّهة إلى سماحة مشمولة بقرار هيئة المحكمة أم لا، حتى يتّخذ قراره، لأنّه في حالة الشموليّة يستحيل السير بالطعن. في حين، يرى بعض القانونيين أنّ الاحتمال الأقوى الذي يفوق الـ70% هو أن تردّ محكمة التمييز طعن مفوّض الحكومة لأنّه لا يستطيع الطعن بالإدانة بالأساس، بالإضافة إلى كون الحكم الصادر لا يتجزأ وإنّما هناك ما يسمّى بوحدة الحكم وإدغامه، مما يصعّب تجزئته.
بالتالي، فإنّ احتمال ردّ طعن النيابة العامة وطعن وكلاء الدفاع معاً يعني أن لا يخرج سماحة إلا بعد انقضاء مدّة محكوميته (4 سنوات ونصف)، أي في أوّل الـ2016. أمّا إذا ردّت «التمييز» طعن النيابة العامة وقبلت بطعن وكلاء الدفاع، فإنّها حكماً ستتجه إلى تخفيض العقوبة لتصبح أقلّ من أربع سنوات ونصف السّنة ولتكون أمام سماحة القدرة على الخروج منها بإخلاء سبيل بعد الاكتفاء بمدة توقيفه.
أما إذا كانت «التمييز» قد سارت باتجاه الاجتهادات القانونيّة وتسجيل سابقة تجزئة الحكم المتعلّق بجرم محاولة القتل من دون المساس بالعقوبة المترتبة عن نقل المتفجّرات، بعد قبول طعن المتّهم، فإنّها تقوم بدرس الأمور الشكليّة ثمّ تفتح الحكم البدائي (المحكمة) وتضع يدها عليه لتفسخه أو تصادق عليه، وذلك بالرغم من كونها محكمة قانون وليست محكمة تمييز، أي أنّها تنظر فقط في قانونيّة الحكم.
واحتمال فسخ قرار «العسكريّة» الدائمة يعني إعادة محاكمة سماحة من جديد في محكمة «التمييز» برئاسة القاضي الياس نايفة. وقد تأخذ إعادة المحاكمة الكثير من الجلسات ما يعني أنّها ستمتدّ لأشهر، خصوصاً أنّ إجراءات الطعن بدورها تأخذ الكثير من الوقت.
ولكن ماذا سيحصل إن كانت محاكمة سماحة الجديدة لم تنتهِ قبل بداية العام 2016، أي موعد انتهاء حكمه؟ يشير قانونيون إلى أنّ هذا الأمر يطرح أيضاً احتمالين: الأوّل أن يخرج في شهر كانون الثاني بعد انقضاء مدّة حكم المحكمة البدائيّة، استناداً إلى أنّ «التمييز لا يوقف التنفيذ»، فيما سيقوم سماحة بالاستمرار بحضور الجلسات التي تعقد في المحكمة. أما الاحتمال الثاني فهو بقاؤه في السجن إلى حين انتهاء المحكمة، وذلك بقرار من محكمة التمييز.