هل يجب أن نبحث، نحن اللبنانيين “العاديين”، بالفتيلة والسراج، عن نائب أو وزير، يذهب في الليل ليزور مريضاً عزيزاً، ويرفع عن قلبه وطأة الانهيار اللئيم؟
تابعتُ الوقائع المتعلقة بزيارة الوزير وائل ابو فاعور لفناننا الكبير ريمون جبارة. شكراً له، وشكراً لما يفعله في وزارته، وخصوصاً على مستوى الفساد الذي يلفّ موضوع الصحة والغذاء والدواء والمستشفيات.
لكن هذا الذي يفعله الوزير ابو فاعور شيء يجب أن يكون بديهياً. إنه ألف باء العمل الوزاري. السؤال الوحيد الذي يجب أن يتفق عليه كل اللبنانيين، هو الآتي: ما الذي يمنع الوزراء جميعهم، والنواب جميعهم، والمسؤولين جميعهم، من أن يقوموا بواجبهم البديهي في حسن تمثيل الناس، وتدبير شؤونهم؟
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن الممتنعين عن حضور جلسات مجلس النواب، من انتخاب رئيس للجمهورية، بعد أكثر من ثمانية أشهر من المواعيد العرقوبية والأضاليل والأسباب الواهية.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن الأطراف المختلفين من الاتفاق على استراتيجية دفاعية موحدة.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن بعض اللبنانيين على وقف تورطهم في ما يجري في سوريا.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن وزارة الأشغال العامة من تزفيت الطرق، وتعيين حدودها، فلا يكون الانتقال على الطرق فخاً يقع الناس ضحيته، كل يوم، وفي كل بقعة لبنانية من دون استثناء.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن من اعتبار الكهرباء حقاً طبيعياً للمواطنين، بحيث لا يجدون أنفسهم مضطرين للاشتراك في المولدات الكهربائية، ودفع الأموال الطائلة التي كان من المستحسن أن تُصرَف في وجوه أخرى.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن من صون الثروة المائية التي تذهب إهداراً كل سنة إلى البحر، فنضطر إلى شراء الماء في بلاد الثلوج والينابيع.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن من تطبيق قانون السير، فلا يجد المواطن نفسه تحت رحمة القتل اليومي العشوائي.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن من إيجاد حل لجلجلة العبور اليومي من نفق نهر الكلب إلى الكازينو، ذهاباً وإياباً؟ المثل نفسه، نجد ما يشبهه في مناطق عدة من العاصمة، حيث يهرق الناس أعصابهم وأوقاتهم وأموالهم، لاجتياز حفنة قليلة من الكيلومترات.
لا أعرف سبباً مقنعاً، يمنع حتى الآن من فتح المكتبة الوطنية أمام طالبي العلم والمعرفة.
بل أعرف: المسؤولون يعتبرون هذه الأمور وسواها “خدمات” اختيارية، بدلا من أن يروها واجبات بديهية. ولأجل هذا السبب بالذات، يجب أن نتوقع المصير الأسوأ الذي ينتظرنا!