ثمة اسئلة كثيرة تطرح عن المتغيرات او التطورات التي دفعت في اتجاه اختيار النائب سليمان فرنجيه مرشحا رئاسيا. بعض الاجابات نجدها في متابعة مسار التسوية التي انطلقت من زعيم المختارة مدعوما من الرئيس نبيه بري لتبلغ الرياض وباريس والفاتيكان.
العقل المدبر للتسوية هو النائب وليد جنبلاط الذي يعمل جاهدا لاستعادة دوره كبيضة قبان، بعدما خرج من اصطفاف 14 و8 اذار، وقد فعلها في الحكومة، وفي ملف العسكريين المخطوفين لدى النصرة، وها هو يلعب “صولد” في الملف الرئاسي. اما الاسباب التي دفعته لاختيار فرنجيه فأبرزها: ان فرنجيه يشبهه في كونه اقطاعيا وابن بيت سياسي، وانه زعيم مناطقي محدود الانتشار وليس له امتداد او طموح يصل الى عمق الجبل، ولا يشكل بالتالي خطرا كعون وسمير جعجع، بالاضافة الى كونه من الاربعة الذين تم التوافق عليهم، او توافقوا على انفسهم. اضف الى كل ذلك ان جنبلاط يحتاج مجددا الى التقرب من “حزب الله” وربما من النظام السوري اذا ما تحسنت ظروفه واستمر في الحكم، وهذه امور لا يمكن الا لشخص بمواصفات فرنجيه ان يوفرها له وان يضمن له أمنه واولاده على هذا الصعيد.
اما الرئيس بري، فيضمن، كما جنبلاط، التخلص من الثنائي عون – جعجع، ويعيد تركيب ترويكا رئاسية قادرة على الحكم، وتمنع اي تغيير في النظام، شكلا ومضمونا، ويصيب عون بالضربة القاتلة انتقاما لماض خلافي لم يتمكن “حزب الله” من محوه.
وفي حسابات الرئيس سعد الحريري الذي صار في حاجة ماسة للعودة الى لبنان، ان تعايشه مع فرنجيه اكثر سهولة منه مع عون الذي يمكن ان ينقلب على الاتفاق، وهو مرفوض سعوديا لانه تعرض مرات للمملكة بعكس فرنجيه الذي كان يركز على الحريري الاب والابن. وقد استطاع الحريري اقناع مسؤولين في الرياض، قبل فرنسا التي تفتش عن اي اتفاق ترعاه، يعيد احياء دور فقدته.
ماذا عن موقف الفاتيكان؟ تصب حركة السفير البابوي المونسنيور غابريالي كاتشا في دعم المبادرة التسوية بدفع من رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري، وتربط هذا الاخير صداقة كبيرة برجل الاعمال اللبناني جلبير شاغوري الذي ساهم في وصول المطران بشارة الراعي الى السدة البطريركية. ونذكر كيف حضر ساندري الى لبنان وحرك سفيره واتصل بكل مطارنة الانتشار آنذاك. شاغوري الذي ساءت علاقته بعون، لا يبتعد كثيرا عن الخط باختياره فرنجيه، ويفتح الباب امامه على مروحة من المنافع النفطية صار الكل بحاجة اليها.
هل اجتماع كل هذه الحسابات المصالح يؤكد اتمام التسوية؟ ليس بعد، اذ ثمة حسابات مختلفة لدى فرقاء آخرين ينبغي اخذها في الاعتبار، وقدرة على التعطيل لم يعمل احد لتجاوزها.