IMLebanon

النفايات… تشبههم

المشهد المثير للاشمئزاز الذي ربما يحمل معاني كثيرة ويلخص الوضع اللبناني “نفايات بنفايات”، لن نستنكره، ولكن سنطرح بعض الاسئلة ونضعها برسم الرأي العام:

1 – الحكومة التي كانت تعلم ان مطمر الناعمة سيقفل منذ أكثر من سنة، لماذا لم تجد بديلاً من هذا المطمر؟ ولماذا يتهافت اليوم بعض السياسيين على حلول فردية بنقل النفايات من مكان الى آخر والادلاء بتصريحات لا جدوى منها؟ ولماذا جميعهم، نواباً ووزراء، لم يعملوا جاهدين على إيجاد مطمر او مطامر جاهزة يوم اقفل مطمر الناعمة؟

2 – لماذا لم تضع الحكومة خطة طوارئ لهذه المرحلة؟ ولماذا سمحت بتراكم النفايات ثم أصيبت بالهلع لإيجاد حلول وأراضٍ وأماكن في اللحظة الاخيرة؟ فحتى للمرحلة الانتقالية لم يكن هناك خطة لتجنيب البلاد والمواطن مشهد تلال النفايات، خصوصاً أننا في موسم سياحي. وإذا كان هناك عدد محدود من السياح ما زالوا يأتون، فهل من المسموح ان يروا لبنان النفايات بدلاً من لبنان الاخضر؟

3 – هيبة الدولة المفقودة في قضايا الأمن والسلاح، مفقودة ايضاً في القرارات. فعندما تدرس الدولة المنطقة الأنسب للنفايات وللبيئة وللصحة وللمواطنين كافة، يجب الا تعترض فئة من المواطنين أو ابناء منطقة أو طائفة وكأن الأمر يستهدفهم، فتتراجع الدولة وتخاف! ومن الطبيعي ان تثير قرارات الدولة وخياراتها، أياً تكن، اعتراضات. لكن في مسائل كهذه، على أصحاب القرار الضرب بأيادٍ من حديد واتخاذ القرار المناسب وتنفيذه. طبعاً يجب ان يكون القرار عادلا وضمن معايير صحية وبيئية معينة، وربما اختيار اكثر من منطقة. لكن عندما تتخذ الدولة والحكومة قرارات يجب الا تعرقلها تجمعات او تثنيها تهديدات عن اتمام واجباتها، وواجبها الأول المصلحة العامة والوطنية!

4 – هنا نسأل لو طبقت اللامركزية الادارية الموسعة في لبنان، هل كانت الأمور لتصل الى هذه الحالة؟ أم انها كانت خففت عن الدولة وسمحت للبلديات بأداء دور فعال أكثر لو كان من صلاحياتها اتخاذ قرارات او التعاقد مع شركات لكي تتمكن كل بلدية من اتخاذ القرار المناسب تبعاً لوضع منطقتها ومواطنيها، وربما كانت تعاقدت مع شركات إعادة تدوير أو مع منظمات أهلية بيئية تهتم بتلك الأمور. فهذه الازمة تطرح مرة أخرى ضرورة تطبيق اللامركزية الادارية وتطويرها اكثر في وطن تربط مصالح مواطنيه بمصالح سياسية وطائفية ودولية، أصبحت حتى تؤثر على النفايات والصحة والعيش اليومي الكريم للمواطن. فاللامركزية تسمح على الأقل بعدم اعاقة المصالح اليومية للمواطن بالنزاعات السياسية التي لا تنتهي!

ربما يولد مشهد النفايات لدى المواطن الشعور الذي يعيشه منذ سنين: القرف والاشمئزاز من الوضع الذي آل اليه اليوم وكل يوم…

فمشهد النفايات يشبههم ويشبه سياساتهم…