Site icon IMLebanon

دعوا شعبي يعيش…

ليس باختراع الأزمات السياسيَّة والحرْبجيَّة وحدها يحيا لبنان. ولا بمحاولات تعطيل الحكومة وأعمال مجلس الوزراء على غرار ما أصاب مجلس النواب، وما حلّ بمنصب رئاسة الجمهورية.

لا شيء مما يحصل هذه الأيام، وخصوصاً بالنسبة إلى الوضع الحكومي، هو من صنع المصادفات، كما أنه ليس لوجه الله ووجه التعيينات وتلبية المطالب.

إن خلف الأكَمة ما خلفها. وخلف هذه الخضَّات شبه المتواصلة داخل مجلس الوزراء ما خلفها… وما لا يُخفى على الرئيس تمّام سلام الذي يتمسَّك بالأصول والأسس التي ينصّ عليها الدستور، وبسياسة التفاهم والتوافق ضمن هذه المبادئ.

مرَّة أخرى يجد البلد نفسه عند مفترق انزلاقي “شبه” مدبَّر عن سابق تصوّر وتصميم. وليس من الضروري البحث عن الدوافع والدافعين. فالصوت صوت عيسو واللمس لمس يعقوب.

فالقصة هي ذاتها. و”الأبطال” هم إياهم. أما عن الأهداف والغايات، فحدِّث ولا حرج. والناس عندهم الخبر اليقين. وباتوا يعرفون حكاية إبريق الزيت من أولها إلى آخرها. ولم تعد تعني لهم هذه “المسرحيّات” شيئاً، بقدَر ما يهمّهم الشلل الذي يلفُّ البلد، ويعطّل دورة الحياة، والوضع الاقتصادي، ولقمة العيش، وحبّة الدواء…

لو كان الرئيس تمّام سلام يتصرَّف في إدارة الحكومة وجلسات مجلس الوزراء على نحو ما يفعله أصحاب الرؤوس الحامية، لما كان لبنان الواقف على شْوار قد صمد إلى اليوم.

ولكانت البقية الباقية من المؤسّسات الدستوريَّة التي تشكِّل حزام الأمان قد فرقعت وفرقع معها الاستقرار النسبي… وكفَّك عَ المعنّى.

إلاّ أن رئيس الحكومة مشهود له بتمسّكه بأساليب التعقّل والحكمة والتروِّي والصبر، من دون التنازل عن الأصول والمبادئ الدستورية وسياسة جمع المتفرّقين لا تفريق المجموعين. وفترات ما قبل تأليف هذه الحكومة وما بعدها تشهد لسلام أنه في كل حالاته وظروفه يبقى هو ذاته، متمسِّكاً بمصلحة البلد وبكل ما يُحافظ على وحدة الصف.

قد يتريّث الرئيس سلام في دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد لفترة محدّدة، إلاّ أنه لن يعطي نفسه وحكومته والوزراء فرصة مفتوحة، في الوقت الذي يتزايد عدد رافضي تعطيل السلطة التنفيذيَّة التي تتحمَّل مسؤوليات جساماً، تضاف إليها مسؤوليات وصلاحيَّات رئيس الجمهورية.

لكل شيء حدود. للصبر والانتظار والتضحيات. وعلى هذا الأساس سيبني سلام اقتراحاته ورؤيته للمرحلة المقبلة، كما ستكون مواقفه.

فشعار غسان تويني “دعوا شعبي يعيش” قد يتردَّد لاحقاً بأصوات الغاضبين على المتاجرين بلقمة عيش الناس من أجل حرتقاتهم وشهواتهم.