أسبوعان فقط مرَّا على لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجيه، ومن باب التذكير، لم يصدر عن هذا الإجتماع أيُّ ترشيحٍ رسميّ وعلنيّ للوزير فرنجيه لرئاسة الجمهورية، بل كان الإجتماع إستكشافاً لبداية مسار يُدرِك الزعيمان أنَّ طريقه لن تكون معبَّدة بالورود، ولو كانت الأمور سهلة إلى هذا الحد لكان الإستحقاق الرئاسي قد أُنجِز منذ مدة طويلة ولم ينتظر حتى 17 تشرين الثاني.
الرئيس سعد الحريري يُدرِك هذه الحقيقة، والوزير سليمان فرنجيه يدركها أيضاً، فالزعيمان ينتميان إلى معسكرين سياسيين، كلُّ معسكر منهما لديه مرشحون أقوياء معلنون وينتمون إلى الأربعة الأقوياء الذين اجتمعوا في بكركي.
في معسكر الوزير فرنجيه هناك رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي يملك كتلة نيابية تصل إلى حدود 23 نائباً، وهو موقِّعٌ ورقة تفاهم مع حزب الله الذي يملك كتلة نيابية من 13 نائباً، بهذا المعنى لا يمكن تجاوز العماد عون إلا بالتفاهم معه.
في المقلب الآخر، هناك في المعسكر السياسي للرئيس سعد الحريري ماروني قوي هو الدكتور سمير جعجع، الذي يملك كتلة نيابية من ثمانية نواب، وبعد دخوله في ورقة إعلان نيات مع العماد ميشال عون بات وضعه أفضل مارونياً ومسيحياً، ولم يعد من السهولة تجاوزه إنما الحل الوحيد هو بالتفاهم معه.
إذاً المرحلة هي مرحلة تفاهمات، من بنشعي إلى بيت الوسط إلى الرابية إلى معراب، من دون هذه التفاهمات يبدو المسار الرئاسي صعباً، لكنه ليس مستحيلاً، لأنَّ عناصر التفاهم ومعطياته ليست معقدة إنطلاقاً من شخصية الزعيمين الحريري وفرنجيه:
لجهة الوزير فرنجيه، لا أحد يمكنه أن يزايد على حيثيته المارونية ولا على صفته التمثيلية المسيحية والوطنية، فهو إبن بيت سياسي عريق، وهو معروفٌ بثوابته السياسية، ولو لم يكن كذلك لَما كان من الأربعة الكبار الذين اجتمعوا في بكركي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. هذا المعيار هو الذي يُصنِّفه على أنَّه أهلٌ ليكون مرشحاً جدياً للوصول إلى قصر بعبدا.
لجهة الرئيس سعد الحريري، حَدِّث ولا حرج:
يمتلك أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب.
يمتلك أكبر إئتلاف نيابي وسياسي هو الأكبر في تاريخ لبنان.
يمتلك علاقات دبلوماسية على مستوى دول.
يمتلك خامة وطنية قلَّ نظيرها بين السياسيين اللبنانيين.
إذا كانت هذه هي بعض الصفات للزعيمين، فمَن الأقدر منهما على مقاربة الموضوع الرئاسي؟
علماً أنَّهما لم يدَّعيا يوماً أنَّهما يريدان التفرد بل التشاور.
ولنأخذ سيناريو مغايراً:
ماذا لو اجتمع ثنائيٌّ آخر أو أكثر من ثنائيّ، وقرروا تسمية شخصٍ ما لرئاسة الجمهورية، وجاء الرفض من الثنائي الحريري – فرنجيه، فهل نكون قد دخلنا في دوامة الفيتو المتبادَل، وعندها أين يصبح موقع رئاسة الجمهورية؟
الرئاسة ماشية…