Site icon IMLebanon

ضبّوا الزّعران

 

لليلة الثانية على التوالي تعيش العاصمة بيروت ليلاً قلقاً تشوبه تصرفات لا تستحقّ أن يطلق عليها أكثرمن «زعرنات» واستفزاز، وما لم يتمّ تدارك هذه السلوكيّات التحرّشية التي تجتاح شوارع متعددة من العاصمة لترخي بثقلها باعثة التوتّر والقلق في نفوس المواطنين في منازلهم، ولم يعد مقبولاً بعد انتهاء يوم الانتخابات أن يعيش النّاس رهينة اضطرابات شوارعيّة تبعث الذّعر!

 

ما حدث ليل الأحد الاثنين معيب ويثير استفزازاً مذهبيّاً يزيد البلد تشنّجاً، ومن المؤسف أنّنا لم نسمع من قيادة حركة أمل ولا حزب الله إيعازاً لـ»شبيبات» زعران من مناصريهم بالانسحاب من الشوارع، ومن المؤسف أنّ الأمر تكرّر ليل أمس ولكن هذه المرّة كان فيه طرفان لا طرف واحد، عندما يستبيح «الشبيبات» المتفلّتين من أي ضوابط أخلاقيّة يصبح الانزلاق إلى الفتن سهلاً، ونحن نعني هنا كل المتواجدين في الشوارع جاهزين إمّا للاستفزاز أو للردّ عليه!

حان الوقت لأن يضع الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة حدّاً لهذا الفلتان المقزّز، نحن نتفهّم الجهود المضنية التي بذلها العسكريّون والأمنيّون طوال الأيام الماضية، إلا أنّ ضبط الشارع وإنهاء هذا المشهد الليلي الفالت ووضع حدّ لهؤلاء «الصيّع» الذين يجوبون الطرقات بحثاً عن معركة وهميّة يخوضونها، بالأمس أشفقت على مدينتي بيروت وأهلها وسكّانها، ما هذه الأجواء التي تزحف عليهم بعد المغرب وما هذا القلق والتوتّر والاعتداءات المتبادلة وإطلاق الرّصاص في الهواء لبثّ الذّعر في نفوس النّاس وترويع الآمنين، هل تنقصنا زيادة أرقام القتلى والجرحى بالرّصاص الطائش، هل يستحقّ ما بعد العمليّة الانتخابيّة كل هذا الجنون والسّلوك المسعور؟!

ونتوجّه هنا إلى وزير الداخليّة نهاد المشنوق ـ وبعد التهنئة بإعادة انتخابه نائباً عن بيروت ـ وبالرّغم من معرفتنا بحجم الأعباء الملقاة على عاتقه طوال الأسابيع الماضية وبالجهد الاستثنائي والإنجاز الكبير الذي حقّقه خلال العمليّة الإنتخابيّة، وهو إنجازٌ يضاف إلى إنجازاته في وزارة الدّاخليّة، ونتوجّه إليه هنا بوصفه المسؤول عن الأمن والأمان في البلد، لنناشده الإيعاز للمعنيين في المؤسسة العسكريّة والأمنيّة لوضع اليد على الفلتان الذي يحدث منذ ليل الأحد الماضي والقبض على كلّ عابثٍ بأمن بيروت وأمان أهلها.

ساءنا أنّ أحداً لم يرفع الصوت رفضاً لهذه الاستباحة الليليّة على مدى يومين لبيروت، خصوصاً وأنّ ما يحدث لا يندرج في باب الاحتفال والابتهاج، بل في خانة الاستفزاز والاستدراج إلى «مشكلٍ» إن اشتعل سترتدّ مفاعيله على الجميع، والمطلوب تعزيزات أمنيّة ودوريّات سيارة وراجلة وحواجز أمنية ثابتة تقمع هذا التشنّج المتنقّل وهتافاته وشتائمه المذهبيّة!

ضبط النّفس مطلوب من الجميع ليس مقبولاً أن يمارس فريق واحد ضبط النّفس على مناصريه فيما يمارس مناصري «الثنائي الشيعي» كلّ أنواع الاستفزاز والاعتداء وإثارة الشّغب، وليس مقبولاً أن يسمع أهل بيروت هتافات سوقيّة «بيروت صارت شيعيّة»، هكذا أمور تتسبّب مجدّداً باحتقان مذهبيّ طائفيّ يُحضّر أرضية متشنّجة فيما لبنان سيمرّ خلال الأيام المقبلة بعمليّة تجديد على رأس السلطتين الثانية والثالثة، والبلد لا ينقصه توتّر وحوادث شغب متفرّقة، للأمانة «النّاس اللي فيها مكفّيها».