قال جاريد كوشنر صهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب وأقرب مستشاريه، إنّ «صفقة القرن» في الشرق الاوسط، سيتم الاعلان عنها بعد نهاية شهر رمضان، أي مطلع شهر حزيران المقبل. وهذا يعني انّ المسألة صارت مسألة أيام لا تتجاوز الأسبوعين.
المعلوم انّ مندرجات هذه الصفقة، كما أُعلن عنها في مراحل التمهيد لها، تبدأ وتنتهي عند مسألة وحيدة، كشف عنها كوشنر نفسه، وهي «حماية أمن إسرائيل»، ومن ضمن هذه الحماية حسم يهودية القدس ونسف حق العودة للفلسطينيين. ولبنان بحكم موقعه الجغرافي، سيكون حتماً من أكثر دول المنطقة تأثراً بالنتائج السلبية التي ستلقيها عليه صفقة القرن، فنسف حق العودة للفلسطينيين يعني توطينهم في اماكن وجودهم، ولبنان يستضيف ما يقرب من 500 ألف لاجىء فلسطيني.
السؤال: أيّ مصير ستذهب إليه المنطقة بعد أسبوعين؟
تتقاطع القراءات لهذا الحدث عند نقطة قلقة، تفيد أنّ الاعلان عن هذه الصفقة سيأتي بمثابة تفجير عبوة ناسفة على مستوى الشرق الاوسط بأسره، وشظاياها ستطاول كل دول المنطقة بلا استثناء، حتى تلك الدول التي حجزت مكانها في طابور المصفّقين للصفقة والمهلّلين لها.
والملاحظ في صورة المنطقة، بحسب ما كشفت مصادر ديبلوماسية، هو الحركة الغربية الناشطة في دول جوار الصفقة، تحضر بوجوه أمنية تارة وسياسية تارة أخرى، وديبلوماسية في بعض الاحيان، والهدف منها استطلاع أجواء ما قبل لحظة الاعلان.
ولبنان، بحسب تلك المصادر، ليس في منأى عن هذه الحركة، ذلك انّ الاسابيع الاخيرة شهدت تقاطراً لشخصيات سياسية وأمنية واستخباراتية، من جنسيات غربية وأوروبية مختلفة، الجامع بينها أمران:
ـ الاول، التأكيد انّ الصفقة سيتم الاعلان عنها في الموعد الذي حدده جاريد كوشنر، وسيتولى الاعلان عنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، في احتفالية ضخمة بمشاركة دولية واسرائيلية وعربية.
ـ الثاني، انها تبدو مكلفة الحصول على أجوبة عن مجموعة اسئلة، يبدو انّ اصحاب الصفقة يولونها اهمية بالغة، واللافت للانتباه انّ هذه الشخصيات ركّزت على عيّنات من السياسيين، وحتى بعض النواب، ممّن يرفضون الصفقة، لطرح الاسئلة الآتية:
– هل تتوقعون ان يترتّب على إعلان «صفقة القرن» تداعيات سلبية في المنطقة؟
– هل تتوقعون مع اعلان «صفقة القرن»، ان تجد منطقة الشرق الاوسط نفسها وسط حرب إقليمية؟
– كيف تتوقعون ان يكون موقف لبنان من هذه الصفقة؟
– ألا تعتقدون انّ الأجدى للبنان ان لا يقف في مواجهة التسونامي السياسي وغير السياسي الذي قد تحدثه الصفقة؟
– كيف تتوقعون ان يكون رد «حزب الله»، وهل ثمة احتمال لأن يهتزّ الاستقرار في الجنوب اللبناني؟
– كيف تتوقعون ان يكون وضع المخيمات الفلسطينية بعد إعلان الصفقة؟
– المؤشرات تدل على تحضيرات لانتفاضة فلسطينية في فلسطين رداً على الصفقة، هل ثمة ما يضمن ان لا تكون المخيمات الفلسطينية شريكة في هذه الانتفاضة، عبر إطلاق الفصائل الفلسطينية لصواريخ الكاتيوشا في اتجاه اسرائيل، وكذلك عبر القيام بعمليات ضد اسرائيل انطلاقاً من الجانب اللبناني. فهل هذان الاحتمالان ممكنان؟ وكيف سيكون موقف الدولة اللبنانية، الملتزمة بمبدأ النأي بالنفس، حيال هذا الامر؟
– ألا تعتقدون انّ الفرصة مؤاتية للبنان في هذه المرحلة للالتزام الأكيد بمبدأ النأي بالنفس والالتفات الى وضعه الداخلي بمعزل عمّا يجري في المنطقة، والحفاظ على استقراره الداخلي الذي يمكّنه من معالجة أزمته الاقتصادية التي وصل معها الى حد الاختناق، وذلك عبر التوجّه نحو استخراج ثرواته البحرية والاستفادة منها لإنقاذ نفسه من وضعه الاقتصادي الصعب؟
(ربطاً بهذا السؤال، فإنّ هذا الكلام طرحه ديبلوماسي اوروبي امام أحد السياسيين اللبنانيين، وكشف له معلومات تفيد أنّ الاميركيين قرروا منذ مدة ان يلعبوا دور الوسيط بين لبنان واسرائيل، لإيجاد حل للخلاف البحري بينهما. والاميركيون تحديداً عينهم على لبنان، وعلى موقعه في المستقبل، وهم الآن يرغبون في أن يبدأ لبنان باستخراج النفط والغاز، وكذلك الامر بالنسبة الى اسرائيل، فواشنطن تريد الهدوء الذي تخدم فيه مصلحتها وسياستها في المنطقة).
– هل تعتقدون انّ لبنان سيتمكن من اعادة النازحين السوريين الى سوريا، وهل يستطيع ان يتحمّل عبئهم الكبير، اذا فشل في إعادتهم؟
– هل تعتقدون انّ الفرصة مؤاتية الآن لتوطين الفلسطينيين، بل ألا تعتقدون انّ الفرصة صارت مؤاتية لتوطين الفلسطينيين؟
– هل تعتقدون انّ لبنان سيستطيع مواجهة «صفقة القرن» ومنع توطين الفلسطينيين على أرضه؟
– الفلسطينيون موجودون في لبنان منذ سنوات طويلة ولا أمل بعودتهم، ألا تعتقدون انّ الأجدى للبنان هو القبول بتوطينهم طوعاً والاستفادة من المساعدات المالية الكبيرة التي سترصد للدول المضيفة للفلسطينيين لاستيعابهم، خصوصاً انّ عدد الفلسطينيين في لبنان ليس بالحجم الذي يؤثر على النسيج اللبناني، إذ انه لا يتجاوز الـ170 الف فلسطيني وبالتالي يمكن احتواؤهم وضبط وجودهم بما لا يؤثر على لبنان سياسياً وديموغرافياً؟
هذه عيّنة مما تحمله حركة الشخصيات الناشطة نحو لبنان، لكن أخطر ما فيها السؤال الأخير المتعلق بموضوع التوطين، وكأنه يحمل تأكيداً بأنه واقع حتماً، وأسوأ ما في الامر هو خفض عدد الفلسطينيين الى 170 ألفاً، اي الى نحو ثلث العدد المسجّل لدى وكالة «الاونروا» والبالغ 470 ألفاً.
خطورة هذا الخفض انّ بعض الجهات السياسية اللبنانية تتبنّاه بكامله وتتعمّد تسويقه في مناسبات مختلفة، وهذا بالتأكيد أمر يدفع الى الريبة، خصوصاً انّ هذا الخفض لأعداد الفلسطينيين يأتي ليقول بطريقة غير مباشرة انّ عدد الفلسطينيين هو 170 الفاً، في إمكان لبنان
ان يهضمهم ويستوعبهم، وبالتالي يقبل بتوطينهم. علماً انّ هذا العدد غير واقعي، انتهى اليه إحصاء مفاجىء، قيل انّ لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني قد أجرته في وقت سابق.