بصراحة، لقد نجحت حملة طلعت ريحتهم.
كانوا مجموعة شباب وقيادات.
حملوا شهاداتهم الجامعية، ومشوا على طريق الحضارة.
قبل ظهر الثلاثاء، أغنوا الشباب علماً ورقياً.
وبعد الظهر أغار غلمان النزوات الفكرية، وحاولوا تشويه ما انطوت عليه مبادراتهم الانسانية من نقاوة ضمير وثقافة.
اللبنانيون رقصوا فرحاً باطلالاتهم والمبادرات.
وليلاً ناموا على وجوههم طبّ، بعد ركلات التخريب والتجريح.
اعتقد الناس بادئ الأمر انها ركلات الترجيح في مباراة لكرة القدم.
لكنهم اكتشفوا سريعاً انهم في مباراة انسانية، حوّلها المخرّبون الى مباريات طائشة.
ولم تطل الفرصة.
بل هبَّت رائحة الزبالة، ممن اختاروا أن يكونوا زبالة هذا العصر!!
ومن يصنّف نفسه، مع النفايات يكون هو صاحب الخيار.
طبعاً، في البلد آراء متفاوتة.
ثمة فريق سياسي يناور.
وآخر يعارض ويناوئ.
ولكل حقّه في المناورة أو في المعارضة.
وكلتاهما وجهان للحياة الديمقراطية.
… ولو طلع من يهدّد بالويل والثبور.
إلاّ أن لكل فريق حلفاء.
ولكل منهم أيضا أنداد ومعارضون.
وفي النتيجة فان الحق سلطان.
ولكل سلطان مملكته.
في النهاية هبط الليل.
وتوقف التخريب.
وانقشع الظلام وأشرق صباح اليوم التالي.
وكالعادة رفعوا جدارات الباطون في الشوارع، منعاً لغارات المخرّبين.
المعارضون، من حقّهم أن يشهروا سلاح المناورة.
والموالون من حقّهم، قبل سواهم، ان يدعموا مواقفهم ب جدارات الباطون.
لكن أحداً منهم لم يرفع، على رؤوس الأشهاد أسماء من اعتدوا طوال الليل الفائت، على أصحاب المتاجر الراقية، وقدّموهم الى السلطة للاقتصاص منهم.
قبل نحو خمسين عاماً، هاجم المثقفون الشوارع الحافلة بمتاجر راقية، وضربوها لأن أسماء أصحابها مكتوبة بلغات أجنبية.
أما اليوم فقد صمت الآخرون.
صحيح، ان هناك من يناوئ تمام سلام، في بعض سياساته.
لكن الصحيح أيضاً، ان هناك من يحارب على جبهتين: جبهة الموالاة، وجبهة المعارضة.
والمطلوب، في مثل هذه الحالة، ان يقف الفريقان، الموالي والمعارض، ضد الفريق الثالث، حامل لواء التخريب.
والتنديد بالتخريب مفيد للاثنين في آن.
وليس أحد بحاجة الى مُعين ليساعدهم على كبح جماح التخريب، من دون الضياع بين الرموز والأصالة!!