IMLebanon

ويتحدثون عن «فدرلة لبنان» مصطلح الكونفدرالية -٢-

أشرت في قراءة أمس إلى أن شكلين رئيسيين للدولة لايزالان يتجاذبان المجتمع الدولي في القرن الـ٢١ وهما: الدولة البسيطة  أو الموحّدة أو المفردة، والتي تحدثت عنها أمس، والدولة الاتحادية أو الفيدرالية.. التي أشرت إلى أنه لا بد لفهم ماذا تعني هي وشروطها، من إلقاء نظرة على «معنى مصطلح الكونفدرالية».

ومعنى مصطلح الكونفدرالية مشتق من مصدر لاتيني معناه بالعربية «الاتفاق» أو «المعاهدة»، من هنا فإن «بعض» الفقهاء السياسيين يخلطون بين المصطلحين أحياناً كثيرة، ومنهم الفقيه «ديسي» الذي استخدم مصطلحي الكونفدرالية والفيدرالية بالمعنى ذاته، وبعبارة واحدة..

أما الفقيه السياسي «هول» فيعرّف «الاتحاد الكونفدرالي» بأنه «النظام الذي يقوم على اتحاد عدد من الدول المستقلة التي تتنازل برضاها وبصورة دائمة عن جزء من حرية تصرفها لأغراض معينة خاصة. ولا تجتمع في ظل حكومة مشتركة».

وهناك تعريف أوضح للفقيه «أوبنهيم» في تعريف «الاتحاد الكونفدرالي» فهو عنده اتحاد يتكون من «عدد من الدول ذات السيادة الكاملة المرتبطة ببعضها البعض بموجب معاهدة دولية معترف بها وذلك لحفظ وصيانة استقلالها الخارجي والداخلي بواسطة هذا الاتحاد الذي تكون له أجهزته الخاصة والذي يتمتع بسلطة خاصة على «الدول الأعضاء – وليس على مواطني هذه الدول؟…

من هنا نرى بأن «الاتحاد الكونفدرالي» يعني قيام اتحاد بين عدد من الدول ذات سيادة كاملة من أجل تنمية أو تحقيق أغراض معينة خاصة. كالتنسيق الاقتصادي أو الأمني أو الاعلامي. والتنسيق الأمني بين دول الاتحاد الكونفدرالي، يعني كسب القوة والأمن لهذه الدول داخلياً وخارجياً وهو يعد من أهم الأسباب التي تدفع بهذه الدول عن طريق التعاهد إلى إنشاء هذا الاتحاد في ما بينها، أي أنه بموجب هذا الاتحاد يبقى لكل دولة من دول هذا الاتحاد رسمها وعلمها الوطني ونظمها الخاصة فيها ولا يجمعها إلاَّ منظمة مركزية تنسق في المجالات الاقتصادية والأمنية والعلمية بين دول هذا الاتحاد دون ان تنصهر في دولة جديدة لها اسم جديد، أو تنصهر في «كيان واحد».

وقيام «الاتحاد الكونفدرالي» يستلزم قيام «منظمة مركزية» أو «حكومة اتحادية» هي من طبيعة «التعاهد» أو «المعاهدة الدولية»  بين الدول ذات السيادة على شكل موتمر من المندوبين الذين يمثلون حكومات الدول التي يتألف منها هذا الاتحاد. وعند التصويت على أية مشروع في هذه المنظمة يعطي المندوبون أصواتهم «كدول» ووفق تعليمات محددة من حكوماتهم التي يمثلونها، وليس لهذه السلطة وجود بين شعوب هذه الدول. أي أنه «اتحاد دول مستقلة»، وليس «اتحاد شعوب» أي ليس له مواطنون أو رعايا يوجههم توجيهاً مباشراً…

و»الاتحاد الكونفدرالي» هو «اتحاد غير دائم» فلكل دولة من دوله الحق في الانسحاب منه متى رأت أن مصالحها الوطنية تقتضي ذلك، ولا يُعدُّ هذا الانسحاب عملاً انفصالياً غير مشروع إنما يُعدُّ عملاً مشروعاً..

ولم يعد لمثل هذا الاتحاد وجود في أنظمة الحكم الدولية اليوم ومن الأمثلة على ذلك «الاتحاد الأميركي» ما بين ١٧٧٨ و١٧٨٧» م و»التعاهد الألماني» ما بين ١٨١٥ الى ١٨٦٦ «والتعاهد السويسري» ما بين ١٨١٥ الى ١٨٤٨ والذي تخلت عنه بدستور ١٨٤٨ الفيدرالي المعدل بدستور سنة ١٨٧٤ إلا أن السويسريين حافظوا على تسمية (الكونفدرالية والكانتونات – أي المقاطعات – التي لم يعد لها سوى معنى رمزي للتقاليد السويسرية الغابرة) فـ «الاتحاد الكونفدرالي» فيها الذي استمر من ١٨١٥ الى سنة ١٨٤٨» أصبح «»اتحاداً فيدرالياً اتحاداً حقيقياً والكانتونات التي كانت سيدة ومستقلة أصبحت بموجب الاتحاد الفيدرالي مجرد «وحدات سياسية» وأشبه ما تكون بالمحافظة او بالبلديات ولم تعد مستقلة او سيدة بل تخضع لسلطة الحكومة الاتحادية المركزية.

وغداً إن شاء الله نتابع هذه السلسلة عن «معنى مصطلح الفيدرالية»…

يحيى أحمد الكعكي