IMLebanon

«كانوا بدائيين»

خلافاً لما يتخيله الجمهور، لم يكن هناك في السفارة الأميركية سواء عام 2005 أو 2009 مطبخ أو غرفة عمليات إعلامية لقوى 14 آذار تُعدّ الملفات وتوزع المهمات. رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، تعاقد مع شركة تسويق خاصة كان موظفوها يشاركون في اجتماعات 14 آذار الضيقة ويسمعون مختلف وجهات النظر ليعودوا إلى مكاتبهم حيث يصوغون الشعارات الملائمة ويعودون لإطلاع الحريري عليها وأخذ الضوء الأخضر لبدء التداول بها.

هكذا ولدت حملة «حب الحياة» وغيرها وغيرها. المطلعون يقولون إن تلك المرحلة شارك فيها ثلاثة «أصناف» من الناشطين: من يلتقون أساساً في الأفكار مع قوى 14 آذار وستسرّهم مضاعفة راتبهم طبعاً؛ من كانوا ينتشون لمجرد الجلوس إلى الطاولة نفسها مع «كبار الإعلاميين» و»صناع قرار 14 آذار»؛ ومن كان الراتب شغلهم الشاغل، وسرعان ما وجدوا راتباً آخر بعد تراجع المال الحريري. ولاحقاً طمع هؤلاء، فما عاد يعنيهم العمل «بالمفرق» على القطعة هنا وهناك، وبدأ تفريخ المواقع الإلكترونية فتشتّت «رأس المال» الحريريّ الإعلاميّ الذي كان يصبّ في مكانين فقط: «ساتشي أند ساتشي» وهاني حمود. ويشير أحد المطلعين إلى أنّ الحالة الإعلامية لقوى 14 آذار بلغت هذا النمو دون مركز قرار يطلب بالانفتاح على ناشر جريدة مثلاً أو رئيس مجلس إدارة تلفزيون. فما كان يحصل، أنه كان يصطحب أحد إعلاميّي المستقبل أو من يدورون بفلكه إعلاميّاً يعرفه يتطوع لتهدئة فلان ودوزنته وهكذا. والجدير ذكره في هذا السياق أن الشركات الممولة لقوى 14 آذار والمصارف، غير السفارات وآل الحريري، كانت تفضل التعامل المباشر مع إعلاميّي هذا الفريق بدل المساهمة في صندوق إعلاميّ مشترك. وعلى سبيل المثال، فإن الاتفاق بين سعد الحريري وصحيفة النهار كان بين الحريري والنائب جبران تويني دون المرور حتى بالوزير السابق مروان حمادة. وقد لعبت قناة الحرة دوراً رئيسياً في رفد قوى 14 آذار بالإعلاميين مثل نديم قطيش وغيره والخبرة التقنية، فيما لعب اللاجئون اليساريون إلى الصحف الخليجية منذ بداية التسعينيات دوراً أساسياً أيضاً، في ظل معاداتهم للنظام السوري وحزب الله. والخلاصة مع أحد أبرز مفاتيح القرار الإعلامي المستقبلي أيام العزّ تفيد بأن تركيز الماكينة الحريرية كان على الإعلان أكثر منه على الإعلام. «وهم (أي الحريريون) كانوا بدائيين» وفق المصدر؛ «يريدون إعلاناً سريعاً يرون نتيجته الفورية، لا عملاً إعلامياً هادئاً يترك أثراً عميقاً يسمح بتحويل الموجات الشعبية إلى رأي عام».