باتت مقولة «الجبهة ممسوكة» شعارَ الجيش اللبناني الذي ينفّذ أوسعَ عملية إنتشارٍ على الحدود اللبنانية – السورية في تاريخه، بعدما دخل الجنوبَ وانتشر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بالتعاون مع «اليونيفيل» تطبيقاً للقرار 1701.
تتسارع عملية تسليح الجيش خصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، بعدما باتت الإدارة الأميركية على ثقة كبيرة بالمؤسسة العسكرية، وقد ترجمت هذه الثقة بالأسلحة النوعية التي وصلت وستصل في وقت لاحق، ما يعطي دفعاً كبيراً في محاربة الإرهاب والتصدي لتنظيم «داعش» أو أيّ قوة تحاول إختراقَ الحدود وإقامة مشاريعها الخاصة.
ويبرز في هذا الإطار، الإهتمام الذي توليه بريطانيا بأفواج الحدود البرّية. فهذا الفوج يتصدّى لـ»داعش» في رأس بعلبك، وبات يملك جهوزية عالية في المراقبة والرصد توازي قدرات أكبر الجيوش النظامية، مع العلم أنّ هذه المهمّة أساسية في مراقبة العدو ومعرفة خططه وتحرّكاته.
ومع سطوع نجم أفواج الحدود البرّية، بات هناك فوجا حدود هما: فوج الحدود البرّي الأول وينتشر في وادي خالد العكارية ويضبط حدودَ الشمال مع سوريا، وفوج الحدود البرّي الثاني وينتشر في رأس بعلبك والجوار وينفّذ مهمّاتٍ كبيرة وأساسيّة.
ونظراً للنجاح الذي حققته هذه الأفواج، فقد شارفت التحضيراتُ لإطلاق فوجَي الحدود البرّي الثالث والرابع على الإنتهاء حيث سيلعبان دوراً متقدّماً في المرحلة المقبلة ويكملان المهمّة. فهذان الفوجان الجديدان سينفّذان مهمّة تحصين الحدود وعزلها عن ترددات الحرب السورية ومنع تسلّل الإرهابيين الى الداخل عبر إستعمالِ تقنيات مراقبة ورصد متطوّرة.
وحدّدت نقاط إنتشار الفوجين من شبعا الجنوبية وصولاً الى عرسال، وسيقيمان نقاطَ مراقبة متقدِّمة لضمان أمن الحدود، وبذلك يكون الجيش قد نفّذ انتشاراً واسعاً وغيرَ مسبوق على الحدود من الجنوب الى البقاع وصولاً الى الشمال بهدف ضبطها، مع العلم أنّ غالبية دول العالم وحتّى الكبرى منها لا تستطيع ضبط حدودها بنسبة مئة في المئة.
يحتاج أيُّ لواءٍ أو فرقة أُنشِئت حديثاً في الجيش الى عداد وعتيد، وفي هذا الإطار يعمد الجيش الى تشكيل هذين الفوجين من خلال تطويع جنودٍ وفرز عسكريّين لهم خبرتهم في المراقبة والقتال، وأثبتوا كفاءة عالية في مجال تحقيق الأهداف المرسومة، والتي تهدف الى حماية لبنان وعزله عن تردّدات الحروب الإقليمية والحرب السورية.
بعدما إتُخذ القرار بإنشاء فوجَي الحدود الثالث والرابع، يبقى العنصر الأهمّ لمباشرة عملهما هو التسليح والتجهيز، وفي هذا الإطار، يؤكد مصدرٌ عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «هذين الفوجين سيصبحان في الخدمة قريباً جداً، والمهمات التي أُنشِئوا من أجلها واضحة، وتأتي ضمن تطبيق خطة الجيش لحماية لبنان ومنع التلاعب بالإستقرار والسلم الأهلي أو التفكير في إقامة أيّ مناطق نفوذٍ للإرهابيين أو مجرّد التفكير بالهجوم وإقتطاع أيّ منطقة لبنانية، خصوصاً أنّ الجيش حريصٌ على كلِّ شبرٍ من أرض لبنان وهو يدافع ويحمي الـ10452 كلم2».
ويشير المصدر الى أنّ «تجهيز الفوجين سيتمّ بكاميرات مراقبة وأدوات رصد بريطانية متطوّرة، والأسلحة من أميركا وبريطانيا»، موضحاً أنّ «الفوجين سيباشران تنفيذ مهامهما قريباً وفي انتظار وضع اللمسات الأخيرة».
ويشدّد المصدر على أنّ «نقاط الانتشار مدروسة للغاية وهي نقاط إستراتيجيّة، وقد إختيرت بدقة من أجل مراقبة الحدود وحماية السلسلة الشرقية، لأنّ أيّ اختراقٍ للسلسلة سيجعل الإرهابيين ينفذون الى الداخل وهذا ممنوع منعاً باتاً».
ويكشف أنّ «الانتشار من شبعا الى عرسال ورأس بعلبك سيكون كثيفاً، والمراكز ستكون مترابطة لأنّ الجبهة موحَّدة، وأيّ ضعف غير متوقّع في أيّ مكان ستقابله مساندة فورية بسلاحَي البرّ والجو»، مشيراً الى أنّ «السلاح الجوّي جاهزٌ بقوّة لمساندة أيّ خلل أو الدخول في أيّ معركة قد تحصل، وهذا عاملٌ قتالي جديد دخل في معارك الجيش».
وأمام هذه الثقة الدَولية بالجيش، يبقى الأهم أن يتحصّن الداخل في مواجهة التحدّيات الإقليمية، بعدما أثبتت المؤسسةُ العسكرية أنها الوحيدة القادرة على حماية لبنان وتنال ثقة الجميع.