IMLebanon

الحوار الثالث أمام تصادم الخيارات!

مع عودة الحوار في مجلس النواب، بنسخته الثالثة بدءاً من يوم غد، فإن أسئلة كثيرة بدأت تطرح نفسها عن مدى إمكانية أن يحقق هذا الحوار مبتغاه، في ظل الشكوك الكثيرة التي تحوم حوله حتى قبل أن يبدأ، باعتبار أن فريقي «8 و14 آذار» يدخلان الحوار بأجندات مختلفة، لا بل متباينة، في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي أو قانون الانتخابات المدرجين على جدول الأعمال، الأمر الذي سيعقد مهمة المتحاورين ويجعلهم أمام الطريق المسدود، في حال أصر كل فريق على موقفه المتعارض مع موقف الفريق الآخر. وفي الوقت الذي أعلن فيه حزب «القوات اللبنانية» مقاطعته للحوار، ستشارك بقية مكونات «14 آذار» إلى جانب عدد من المستقلين، وسط تأكيدات من جانب الفريق المذكور، أن استمرار جلسات الحوار يتوقف على قدرة الأطراف المتحاورة، على التوافق بشأن البند الأول على جدول الأعمال المتصل بالاستحقاق الرئاسي، فإذا توافق المتحاورون على هذا البند، يتم الانتقال تلقائياً إلى البند الثاني المتعلق بقانون الانتخابات، أما إذا تعذر التوافق، فإن قوى «14 آذار» ستبلّغ رئيس المجلس عدم موافقتها على الانتقال للبند الثاني، وبالتالي ستجد نفسها مضطرة للانسحاب من الحوار، ما يعني وصول الأمور إلى الحائط المسدود، خلافاً لموقف قوى «8 آذار» التي يبدو أنها باتت تميل، إلى تبني وجهة نظر النائب ميشال عون بوضع ملف قانون الانتخابات النيابية بنداً أول، للبحث والسير به على هذا الأساس، إذا أخفق المتحاورون في موضوع الاستحقاق الرئاسي.

ومن هنا وإزاء هاتين النظرتين المتباينتين إلى جدول الأعمال، فإن شكوكاً ترخي بظلالها على حوار الرئيس بري حتى قبل أن يبدأ، سيما وأن تجارب الماضي لا تشجع على توقع نتائج إيجابية، لأن وجهات النظر لا زالت هي نفسها من كافة المسائل المطروحة، وبالتالي ما الذي تغيّر حتى ينجح هذا الحوار الآن، وهو ما دفع «القوات اللبنانية» إلى إعلان عدم مشاركتها في جلساته، في موقف لاقى تفهماً من قوى «14 آذار» ومن قيادات سياسية أخرى، بعدما ظهر للجميع أن قوى «8 آذار» التي مارست التعطيل لسنوات، لن تتوانى عن إفشال هذا الحوار، من خلال إصرارها على عدم إزالة العراقيل من أمام الانتخابات الرئاسية، إلا إذا وافقت «14 آذار» على تبني ترشيح النائب عون، ما يؤكد صوابية قرار «القوات» من هذا الموضوع.

والسؤال الذي يُطرح هنا، هل هناك أمل في إحداث خرق في جدار الأزمة من الحوار المرتجى وماذا ستكون التداعيات في حال فشل المتحاورون في الوصول إلى نتائج إيجابية؟

تجيب أوساط قيادية في «14 آذار» دعيت إلى المشاركة في هذا الحوار، بالتأكيد لـ «اللواء»، على أن التلاقي بين القيادات اللبنانية أمر ضروري ومطلوب في كل وقت، إنما لا يجب أن نأتي إلى الجلسات بأفكار مسبقة ونحاول أن نقيّد المتحاورين بشروط معينة، سيما من جانب فريق «8 آذار» الذي لم يتغير موقفه في كل جلسات الحوار التي عقدت، فهو كان وما زال يعرقل انتخاب رئيس الجمهورية ويتمسك بالنائب عون مرشحاً وحيداً للرئاسة الأولى، قاطعاً الطريق على بقية المرشحين، ما جعل الأمور تراوح في المسألة الرئاسية بعد سنة وخمسة أشهر على الفراغ المرشح لأن يطول، طالما استمرت المواقف على حالها ولم يحصل تغيير ملموس لدى «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، من شأنه أن يحلحل العقد الموجودة أمام انتخاب الرئيس العتيد ويخرج تالياً البلد من الأزمة التي يعانيها، مشددة على أن قوى «14 آذار» ستجد نفسها مضطرة إلى عدم إكمال الحوار، إذا لم يحصل تقدّم جدي في الموضوع الرئاسي وحصلت خلال الحوار من الفريق الآخر على تعهد بتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية وفق نصوص الدستور، للانتقال بعدها إلى تشكيل حكومة جديدة تتولى إعداد قانون انتخابي عادل وسليم ومن بعدها تُجرى انتخابات نيابية على أساسه تكون كفيلة بتجديد الحياة السياسية وانبثاق سلس لسلطة جديدة تعكس إرادة اللبنانيين.