ليست المرة الأولى يهدد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بتغيير قواعد الاشتباك التي سادت بعد صدور القرار 1701. فهو أثار المسألة بعد غارة إسرائيلية على محيط القنيطرة السورية في شباط 2015. وأسفرت تلك الغارة عن مصرع جنرال إيراني وعدد من عناصر الحزب اتهمتهم اسرائيل بالإعداد لهجمات ضدها.
رد الحزب يومها في مزارع شبعا فقتل جنديين إسرائيليين، وأعلن أمينه العام أن ما بعد القنيطرة ليس كما قبله وأنه في حل من “قواعد الاشتباك” التي سادت طوال الأعوام الماضية منذ نهاية آب 2006.
تقبلت إسرائيل إلى حد كبير الرد في المزارع فلم تطلق حرباً واسعة. وفي إسرائيل جرى نقاش واسع حول هجوم القنيطرة، لم يحصل مثله في لبنان، واتُهم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في حينه بالإساءة الى العلاقة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما المنهمك في المفاوضات النووية مع إيران، كما اتُهم بالعمل لتعزيز شعبيته عشية الانتخابات العامة التي ستحصل في آذار من ذلك العام.
ما غيّر قواعد الاشتباك يومها ليس “حزب الله”، بل ضرورات التحالف الدولي في الحرب السورية. لقد التقت على أرض سوريا في تلك السنة قوى متناقضة تمتد من إيران إلى إسرائيل تقول بمحاربة الاٍرهاب وضمناً دعم النظام السوري، وفي نهاية العام نفسه دخلت روسيا الحرب مباشرة تحت العنوان نفسه، فأطاحت القواعد السابقة، التي كان “حزب الله” تخلى عنها بنفسه عندما لبى الطلب الإيراني بالذهاب الى سوريا متخلياً عن صفته المفترضة كحركة مقاومة لبنانية مهمتها الدفاع عن لبنان في وجه أي اعتداء خارجي.
كان اختيار مزارع شبعا للرد في 2015 تعديلاً للقواعد من وجهة نظر نصرالله، بمعنى عدم فتح معركة عبر خط الحدود الجنوبية، لكن اسرائيل لم تلتزم مبدئياً سوى بهذا الخط الذي ترجمه القرار 1701إلى اللون الأزرق، واستمرت في السر والعلن في مطاردة أعدائها الإيرانيين في سوريا والعراق، مكتسبة دعماً جديداً من موسكو ومن التوافق الأميركي الروسي التركي الضمني والمعلن على تحجيم الحضور الإيراني.
واليوم عندما يعلن نصرالله عن رد ساحق على إسرائيل في لبنان أو عبره فإنما يعلن عن تغيير ثالث في قواعد اشتباك معنية به إيران وإسرائيل تحديداً، والتفاوض بشأنه ينتظر ما ستقوله واشنطن.