..والأزمة السياسية تنتظر «مطمرها»
هذه نصيحة «14 آذار» لـ«حزب الله»
بينما يحتدم «الحراك الدولي»، من لقاء فيينا الديبلوماسي الى «عاصفة السوخوي» العسكرية، يبقى لبنان في حالة انتظار، تفوح منها روائح النفايات العضوية.. والسياسية، الى حين نضوج لحظة «فرز» الازمة الوطنية ونقل موادها المتفجرة الى مطمر تسوية اقليمية ـ دولية، لم تُنجز بعد شروط استحداثها.
وفي الوقت الضائع، يدعو قيادي مسيحي بارز في «14 آذار» قيادة «حزب الله» الى مراجعة سياسات الحزب حيال «تيار المستقبل» وتخفيف حدة الصراع الداخلي معه، وما يرافق هذا الصراع من احتقان مذهبي، وذلك على قاعدة الدفع في اتجاه تعزيز الاعتدال السني في لبنان والمنطقة، لان المعتدل السني هو وحده القادر على مواجهة «داعش» وإحراجه، وليس الشيعي أو المسيحي أو الدرزي، الامر الذي يتطلب من خصوم «المستقبل» المبادرة الى مقاربة جديدة للعلاقة معه، بناء على هذه الحقيقة.
ويعتبر القيادي ان «داعش» يشكل خطرا على السنة قبل الشيعة والمسيحيين، وهذا التنظيم الارهابي قتل في العراق من السنة أكثر مما قتل من غيرهم، وبالتالي فمن الخطأ مذهبة المواجهة معه، لان هذا المنحى الذي تسلكه المعركة في الوقت الحاضر يؤدي الى تقوية التطرف، لا إلى إضعافه، محذرا من ان المنطقة تقيم حاليا في قلب النزاع السني ـ الشيعي الذي يتخذ اشكالا عدة، تتراوح بين حدي الحرب الباردة والساخنة.
ويلفت القيادي الانتباه الى ان التغطية السنية التي أمّنها «تيار المستقبل» للمعركة ضد الارهاب في الداخل اللبناني ساهمت بقوة في ضرب المتطرفين على مستوى البيئة السنية، سواء في طرابلس او في صيدا او غيرهما، ولولا هذه التغطية لكان من الصعب تحقيق الانجازات التي سُجلت على مستوى مكافحة الارهاب ومحاصرة التطرف.
ويقر هذا القيادي بأن البعض في «المستقبل» ربما يكون قد غضّ الطرف في لحظة ما عن صعود ظواهر متطرفة في بيئته، لكن ليس لوقت طويل، كما اثبتت التطورات اللاحقة.
ويرى القيادي ذاته ان لا مصلحة لاحد، وحتى للمختلفين مع «المستقبل»، في إضعافه وتحجيمه، خصوصا في هذه المرحلة التي تتطلب على سبيل المثال تسهيل مسعى وزير الداخلية نهاد المشنوق للتطبيق المتوازن والمتساوي للخطط الامنية، في البقاع والضاحية كما في طرابلس وصيدا، لان من شأن ذلك ان يحصن موقعه على جبهة التصدي للجماعات التكفيرية التي حاولت ان تستفيد من الخلل القائم لتوسيع تغلغلها في البيئة السنية.
ويشدد القيادي المسيحي في «14 آذار» على ان «حزب الله» معني بإعادة درس خياراته الداخلية، وفق ترتيب جديد للاولويات، يُغلّب الاهم على المهم، لافتا الانتباه الى انه إذا كان الخطر الذي يهدد الجميع هو خطر وجودي واستراتيجي، فان المطلوب ان يرتقي سلوك الحزب الى هذا المستوى، مع ما يتطلبه ذلك من تصويب للخطاب السياسي.
ويشير القيادي الى انه ليس صعبا في نهاية المطاف ترتيب تفاهمات موضعية او تنظيم الخلاف مع «المستقبل» تحت سقف اتفاق الطائف، مشددا على ان ملف توزيع السلطة يصبح، على الرغم من كل تعقيداته، قابلا للترتيب والاحتواء، إذا اتفق الجميع، وفي طليعتهم الحزب، على إعطاء الاولوية القصوى لحماية المصير الوطني الاجمالي.
وينبه القيادي البارز الى ان الخطاب المستخدم من «حزب الله»، يستفز أكثرية السنة اللبنانيين والعرب، ويدفع حتى المعتدلين في صفوفهم الى الجنوح نحو التطرف والتعصب، متسائلا عن المصلحة في ذلك، بينما المطلوب تقوية هؤلاء المعتدلين وطمأنتهم كي يتصدوا لـ «داعش» وأخواته.
ويعتبر القيادي نفسه ان بعض الادبيات والشعارات التي استخدمها الحزب في عاشوراء على سبيل المثال، كانت مستفزة لمشاعر شريحة واسعة من أبناء الطائفة السنية، مستغربا ان يتم نبش ملفات التاريخ واستحضار اشباحه من دون مراعاة حساسية المرحلة، ولافتا الانتباه الى انه إذا كان الحزب يحتاج الى تعبئة قواعده في مثل هذه المناسبات، فليس ضروريا ان تتم التعبئة بشكل يقود الى إخراج مارد التعصب المذهبي من قمقمه.