Site icon IMLebanon

هذا الفجر

… حمل كآبة كل تاريخنا قبل أن تشرق الشمس. تاريخ ما حمل مرة فرح الحياة باستثناء ما مرّ منه في الأندلس حيث امتزج فكر الشرق بفكر الغرب وفاح عطر الفنون بكل أشكالها فكان حب وفرح وموسيقى ورقص وموشحات ورسم وحياة. أما فوق أرضنا العربية الواقعة داخل قبضتين: قبضة استعمار غرب جشع لا يشبع، وقبضة دين ما تركنا له فسحة تطور ولو صغيرة، فتحجّر وأسرنا داخل قبضته وصرنا مستعمرين مرتين.

ولما استفقنا على ثروات نفط ومعادن تحملها أرضنا استفاق معنا ذاك الغرب مخططاً حروباً أغرقنا بها، حروباً أهلية ومذهبية. وظلّ الدين الغشاوة التي خبأت عنا حقيقة ما يجري فهدمنا ما بيننا، وخسرنا شبابنا وصبايانا وأطفالنا، وصرنا أعداء داخل الوطن الواحد حيث يعلو صمت المعارضة الفاشلة التي بلا أفق، وما من مخطط لإنقاذ ما تبقى من أطلال ما عاد الإنسان المكان الواعي علاقة بها، فغادر واستراح.

ودخل داعش جاداً في تغيير خريطة أوطاننا الثائرة، مقتطعاً منها ما يطيب له من رؤوس ومن أرض، مستتراً بوشاح غرب كاذب، وبوشاح الدين، فمن يجرؤ على كشف ستره؟ نحن شعوب غبية لا تحمل أملاً واحداً في تغيير قد تشرق منه شمس المعرفة. أنسينا يوم سبا نبوخذ نصّر قبائل اليهود الى بابل فهددوا أنهم سينتقمون ولو بعد آلاف السنين؟ وها هم ينتقمون في حملات هدم ما تركه البابليون والآشوريون ليمحوا آثار حضارات عريقة حكمت الشرق.

والحق علينا اليوم، أهل سوريا الكبرى: سوريا ولبنان وفلسطين والعراق والأردن، وأهل مصر أهل الفراعنة، وأهل خليج عربي غني بكل كنوز الأرض. الحق علينا لأننا ما انتمينا الى الأرض بل الى أديان سرعان ما تفككت مذاهب متقاتلة، تأخذنا من حرب الى أخرى فتخرّب بلداننا كما اليوم.

أي لعنة نزلت علينا فنسينا أن الأرض الأم هي أساس انتمائنا الى الحياة المفتوحة على كل تطوّر؟ أما تطورنا نحن مع إنسان الأرض في كل مجالات العلم والتكنولوجيا؟ الا اننا ظللنا نختبئ وراء وشاح مطلق دين، يشدّنا الى الوراء، الى حروب تبدأ ولا تنتهي قبل أن يظهر غيرها في أفق ما كان يوما بعيداً.

لنهدأ قليلاً علّنا نستفيق من سبات الحمقى، فقد طال.