حرصت على متابعة المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس سعد الحريري، أمس، في بيت الوسط، متحدثاً عن مسار تأليف الحكومة، مؤكداً على نهجه الوطني. ومن الكلمة الأولى الى كلمة الختام، عبارة واحدة من ثلاث كلمات، فرضت ذاتها: «هذا رجل دولة».
لست من الصحافيين الذين لهم علاقة بأي نوع من الأنواع مع سعد الحريري… لذلك فإنني عندما أتحدث عنه، ها هنا، فإنما أكون أتحدّث عن إقتناع تكوّن تباعاً منذ إنطلاقته الأولى في عالم السياسة والمسؤولية الكبرى، إثر إستشهاد المرحوم والده حتى يوم أمس. وهي تجربة مهمّة جداً لأنها وضعت الشاب (سعد) في قلب المسؤولية الأكبر:
1 – مسؤوليته في وراثة سياسية لوالد كبير، وهو الشاب اليافع في الشأن السياسي.
2 – مسؤوليته في وراثة قيادية لأكبر طائفة في لبنان (الطائفة السنية).
3 – مسؤوليته في وراثة شبكة علاقات استثنائية نظن أنه يتعذر على أي قيادي في العالم أن ينسج مثيلاً لها من حيث امتدادها مع الحكّام بصفة شخصية، ومع الدول بصفة رسمية، ومع مراكز القرار في العالمين العربي والخارجي.
4 – مسؤوليته في وراثة الموقع الرسمي الرفيع، في رئاسة الحكومة (…).
وما أدراك ما أهمية وأدوار تلك المسؤوليات وسواها. أُلقيت دفعة واحدة على عاتق شاب لم يكن في تلك اللحظة الحرجة مستعداً لها، وإن كان مستحقاً، إنما كانت تنقصه التجربة العملية.
وفي تلك المراحل كلها تحمّل سعد الحريري من الأمزجة والألعبانيات وقلة الوفاء (بل والمؤامرات عليه بمختلف أنواعها) ما لا يتحمله بشري! إنها أثقال الجبال أُلقيت على كاهلٍ، طري العود، الذي وجد نفسه فجأة مطلوباً منه أن يسدّ فراغاً كان يملأه والده العملاق.
وفي خلال هذا المسار الطويل كانت عثرات. وكانت خيبات. وكان تردّد، سرعان ما تغلّب عليها كلها الرئيس سعد الحريري تباعاً برغم الصعوبات التي لم يكن والده المرحوم رفيق الحريري يواجهها، وأبرزها الصعوبة الماليّة.
ومن تابع الشيخ سعد منذ العام 2005 لتبيّن له أنه حقق الكثير، وثبّت نفسه في طليعة القيادات الوطنية، ولم يفرّط في الأمانة إطلاقاً مع أنّ الحروب التي شُنت عليه لم تكن قليلة… فخرج منها منهكاً حيناً ولكنه ثابت في كل حين.
أمس تحدّث سعد الحريري مباشراً صادقاً صريحاً متماسكاً ثابتاً في مواقفه… والأهم: إنه لم يحد لحظة واحدة، ولا بأي كلمة أو إشارة عن إيمانه بلبنان وبمستقبله.
تحية يا شيخ سعد… والى الحكومة!