على مسافة الايام الفاصلة من تاريخ الخامس عشر من ايار تتوالد المشاكل بشكل سريع.فبعد ان كانت المشكلة قانون انتخابات نيابية تحول الاتجاه نحو معضلة مجلس شيوخ لن يبصر باي حال من الاحوال، وبعدما كان الحديث عن فقدان الامل بتامين نصاب جلسة التمديد،تركز مساعي «اهل الخير» على تمرير استحقاق اجتماع الحكومة على خير.
فمع دخول وساطات جديدة على الخط لتبريد اجواء الاحتقان السياسي بين الاطراف السياسية المختلفة، اشارت مصادر مطلعة الى ان الرئيس بري فجر بنفسه الصيغة التي اقترحها عندما ربط بين النسبية وشكل ودور مجلس الشيوخ بالشكل الذي جرى، مستندا الى مداولات الطائف المرفوضة مسيحيا في الاساس والتي لن يعترف الثنائي المسيحي اليوم الا بما «قونن» منها،اما الباقي فخاضع للتوازنات الجديدة، بحسب مصادر مشاركة في كواليس الاتصالات، كاشفة ان «شيطنة» جعل الصفقة قائمة على مجلس الشيوخ بدل قانون الانتخابات فجرت الغضب المسيحي الذي سجل تراجعا عن الترحيب بمبادرة بري.
ورأت المصادر ان المشكلة تكمن في ان المسيحيين مصرون على رئاسة مجلس الشيوخ الى جانب رئاسة الجمهورية عملا بمبدأ المناصفة، فيما رئيس مجلس النواب متخوف من مسيحي قوي في مجلس الشيوخ ينتزع الصلاحيات من رئاسة المجلس النيابي عند اول خلل قد يصيب المعادلات الحاكمة اليوم، فيما يتمسك الدروز بها باعتبارها ضمانة سورية – سعودية – اميركية اعطيت لهم في 1990 متناسين انهيار التوازنات السابقة.
اكيد ان حزب الله المعني الاول بما يجري داخليا من منطلق مصلحته وحرصه على الحفاظ على الاستقرار الداخلي، في ظل حملة التهويل التي يتعرض لها اقليميا ودوليا، واقع بين سندان الحليف ومطرقة حليف الحليف، مع تعقد مهمته في اصلاح البين، خصوصا ان الحليف مصر على انهاء حالات محسوبة على خط الحزب سياسيا او اقله تحجيمها، وهو غير مرتاح لاداء التيار الوطني الحر، ولبعض الخطوات الرئاسية كمسالة اللجوء الى استخدام المادة 54 والحديث اليوم عن مواد اخرى، مع تأكيد اوساط قيادية في الثامن من آذار من ان رئيس التيار الوطني الحر يلعب «سولو» حاليا في ما خص معركة قانون الانتخابات ما وضع الجميع في مازق يستحيل الخروج منه ، مع تكبير الحجر كما حصل في مسالة مجلس الشيوخ التي تحولت الى مشكلة صلاحيات ورئاسة ما عقد الامور، ما دفع الحزب الى التمسك بموقفه المبدئي من النسبية، كافضل الموجود حاليا للخروج من الاحراج، وهو ما انعكس في تصريحات مسؤوليه الغائبين عن السمع بقرار قيادي،مع حصر الامر بأمين عام الحزب.
وسط كل هذه الفوضى يتوقف المتابعون عند الغموض في موقف رئيس الحكومة وتياره، الذي اما هو مقصود وعن دراسة واما عفوي نتيجة تضارب بين قيادات التيار الازرق، رغم ان ثمة مصادر تتحدث عن خطة يتبعها البيت الوسط بهدف كشف الجميع ووضعهم امام مسؤوليتهم، وهو ما بدى جليا من خلال تاييده للتأهيلي قبل ان يعود ويقبل بالنسبية الكاملة المشروطة، بحسب مصادر سياسية متابعة، رغم ان فريق الثامن من آذار يتحدث عن صفقة منجزة مع التيار الوطني ،حيث يظهر التناغم بوضوح بين وزير الخارجية ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري خلال الاجتماعات، حيث يخال للمشاركين احيانا ان الاخير مشارك في صياغة مقترحات رئيس التيار الوطني الحر.
واذا كان الرهان قد سقط على ما قد تنتجه جلسة مجلس الوزراء، مع اتفاق الجميع على استحالة الاتفاق في الحكومة ما دام التصويت على اي اقتراح قانون غير واردة، فان رهان عين التينة بدورها سقط على امكان تمرير التمديد في الخامس عشر من ايار ،ما وضع الكرة في ملعب بعبدا المرتاحة الى ادارتها للمعركة وفقا لما رسمته حتى الساعة ،على ما تؤكد مصادر مواكبة، اذ تحولت رئاسة الجمهورية بفعل الرئيس القوي وشبكة التحالفات التي نجح في نسجها بان يكون صاحب الفعل تاركا للاخرين رد الفعل.
من جهتها وبعد التمهيد الذي تولته طوال الايام الماضية مواربة وصراحة ،حسمت بكركي خيارها وابلغت المعنيين في المفاوضات بشان قانون الانتخابات ،ضرورة وقف عملية التلهي واللعب بالنار عبر حسم الخيارات وعدم ادخال البلاد في «معمعة» اضافية هي بغنى عنها في الظرف الحالي، فاما الاتفاق على قانون واما الذهاب الى تطبيق الستين، مطمئنة الى ان اتفاق الثنائي المسيحي ،قادر على تحقيق وفرض معادلات جديدة حتى من ضمن قانون الدوحة وفقا لاكثر من دراسة تبلغتها دوائر الصرح ،على ما تؤكد اوساط مقربة من بكركي، مشددة على أن ما قاله البطريرك واضح كل الوضوح، فإذا كان متعذراً التوافق على قانون جديد، مع أن البطريركية تحبذ التوصل إلى قانون جديد، فليس هناك ما يمنع أن تجري الانتخابات وفق القانون النافذ، عوضاً عن التمديد للمجلس النيابي الحالي، أو الدخول في الفراغ القاتل على كافة المستويات، وهو موقف نابع من منطلقات وطنية بحسب الاوساط.
مصادر في التيار الوطني اشارت الى ان ثمة من يحاول الانقضاض على التيار من باب مجلس الشيوخ للي ذراعه، معتبرة ان الوزير باسيل هو اول من طرح الموضوع في التداول كحل جدي وليس للمناورة ذاهبا ابعد من الجميع، الا ان سعي البعض لاستخدام الامر من باب المساومة لن يمر ولن ينجح ، فمحاولة الالهاء عبر استخدام هذا الطرح لن تنفع ونقل المعركة الى طائفة رئيس مجلس الشيوخ وصلاحياته ،للتعمية على قانون الانتخابات النيابية لن تمر، فطالما ان البلاد تعمل وفقا للمحاصصة الطائفية فان من حق المسيحيين برئاسة هذا المجلس واما في حال اعتماد المداورة فلتطبق على جميع الرئاسات.