IMLebanon

هكذا تقدّم الجيش الى الجرود

لم تطوَ نهائيا بعد صفحة جرود عرسال وان كانت صفحة «النصرة» ما قبل الاخيرة قد طويت امس بخروج جرحاها، ليبقى وجودها العلني الوحيد في مخيم عين الحلوة، تتجه الانظار الى الحلقة الثانية المتمثلة بـ «سرايا احرار الشام»، التي ما زالت بعض العقبات تعيق انسحابها باسلحتها، قبل ان يكتمل الحصار على مجموعات داعش في الجرود، في خطوة قد تؤشر الى قرب بدء المعركة.

مصادر متابعة لمجريات العمليات في الجرود شرحت تفاصيل ما جرى، مشيرة الى انه منذ ما قبل انطلاق المعركة التي خاضتها مجموعات حزب الله لتحرير الجرود من «هيئة تحرير الشام»، قامت الخطة العسكرية على ثلاث مراحل، الاولى تمهيدية عبر القصف المدفعي والصاروخي، الثانية تنفيذ «هجوم بري» سريع، والثالثة تضييق الخناق على المجموعات المتبقية من مسلحين في جيب لا يتعدى خمسة كيلومترات بين وادي حميد ومدينة الملاهي بعد ترك مسالك «آمنة» للمسلحين للتجمع في هذه المنطقة، وقد ابلغت قيادة الجيش اللبناني بتفاصيل ذلك باعتبار ان تلك المنطقة هي على تماس مباشر مع خطوط الجيش الدفاعية وتعتبر من منطقة عملياته.

الا ان المحاذير الاساسية لذلك بحسب المصادر كانت في حال تسلل مسلحي «النصرة» الى داخل المخيمات ما سيفقد الحزب المبادرة عندها نظرا للكلفة الباهظة من المدنيين النازحين الذين سيسقطون بين قتيل وجريح في حال تقرر حسم الوضع في هذا الجيب، حيث كان التعويل الاساسي على نجاح المفاوضات في سحب المسلحين وتفكيك المخيمات في تلك الرقعة، والتي كانت الحاضنة الاساسية لتلك الجماعات المنتشرة في الجرود، وهو ما بينته بطبيعة الحال نتيجة الاتصالات واعداد المغادرين من المدنيين.

وتتابع المصادر بأن حزب الله كان واضحا منذ اللحظة الاولى في تأكيده انه سيتفادى الدخول الى تلك المنطقة نظرا للحساسيات التي سيسببها وجوده فيها، خصوصا انها ممر الزامي لاهالي عرسال نحو الجرود وانها قد تشكل مساحة احتكاك له تداعيات سلبية على الوضع العام، هذا فضلا عن عدم رغبته في تأليب الرأي العام الداخلي والخارجي ضده في حال وقوع ضحايا مدنيين، من هنا فقد ابلغت القيادة اللبنانية بان عليها التعامل مع هذا الوضع ووضع الخطط الضرورية للسيطرة على الموقف، اولا عبر منع المسلحين من الدخول وثانيا عبر السيطرة على المنطقة بعد انجاز انسحاب المسلحين منها بالسرعة اللازمة.

امران نجحت قيادة الجيش في انجازهما فانسحاب سرايا احرار الشام الى داخل المخيمات بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة وآلياتهم امن الحماية الضرورية اللازمة وشكل سدا امام مسلحي «النصرة» الذين تجنبوا فتح المواجهة مع «السرايا»، في الوقت نفسه الذي اعدت فيه مديرية العمليات في الجيش خطة عسكرية امنية للتمدد نحو الجرود وبسط سلطة الدولة في تلك المنطقة فور اتمام المرحلة الاخيرة من سحب المسلحين.

وبحسب المعلومات فان سرعة تحرك وحدات الجيش ليلا وتقدمها في اتجاه الجرود التي تبعد حوالى 2 كلم من خط الجبهة وآخر حاجز للجيش عند وادي حميد، الى تلال المشرفة على مدينة الملاهي وتمركزه في موقعين سابقين لـ «النصرة»، دون دخوله الى مخيم الملاهي الذي ما زال تحت سيطرة احرار الشام، في انتظار انتهاء التفاوض معها وانسحابها بآلياتها واسلحتها، علما ان المعطيات المتوافرة تشير الى اتفاق ضمني بعدم اخلائها المنطقة قبل انجاز كل الاجراءات لدخول الجيش وتنظيف تلك الرقعة، اذ انها تشكل سدا حاليا امام نزول «داعش» باتجاه الملاهي ومنها الى عرسال التي يعتبرها قاعدة لوجستية خلفية، وقد خاض في الفترة الاخيرة اكثر من مواجهة مع «النصرة» لفتح تلك الثغرة الا ان «السرايا» أدت دورا اساسيا في صد التنظيم.

وعليه تكشف المصادر ان اتمام انتشار الجيش في تلك المنطقة وتنظيفها نتيجته الاولى فتح الطريق نحو اهالي عرسال للعودة الى اعمالهم وكساراتهم واراضيهم في الجرود من جهة والاهم اتمام الطوق على «داعش» في الرقعة التي يتمركز فيها داخل الاراضي اللبنانية، في اطار اتمام التحضيرات للعملية العسكرية المرتقبة ضده، والتي تستمر التحضيرات لها ووضع الخطط من اجلها.

على هذا الصعيد تكشف اوساط مراقبة عن ان كلام رئيس الحكومة بالامس معطوفا على ما سبقه من تسريبات عن وجود وسيط سري بين الدولة اللبنانية و«داعش»، خصوصا مع ما ورد من تقارير من داخل عين الحلوة مفادها طلب مسؤول العلاقات الخارجية في «داعش» ابو الوليد المقدسي المموّل والمشغّل للجماعات الارهابية السابقة في لبنان من جماعته تحضير انفسهم للمغادرة مع عائلاتهم، بناء أبو يحيى السوري وأبو القعقاع السوري المقيمين في الرقة، يؤشر الى ان شيئا ما بدأ يطبخ في الكواليس.

فكلام الشيخ سعد يؤمن الغطاء السياسي للجهات المفاوضة وان كان شرط فتح ملف العسكريين الاسرى لن يعيق الاتصالات، بحسب الاوساط التي اعتبرت ان «مبادرة» الرئاسة الثانية، والضغوط التي تمارس على الجبهة من حشودات وقصف مدفعي وغارات قد تتكامل وتؤدي في النهاية الى انجاز مهمة تحرير ما تبقى من الجرود دون اراقة دماء في اطار اتفاق مشابه لما ابرم مع «هيئة تحرير الشام».

الى ذلك اكدت مصادر امنية لبنانية ان لا وجود لعسكريين اميركيين على الحدود الشرقية للمشاركة في العملية العسكرية المرتقبة ضد «داعش»، معتبرة ان مهمة الجنود الاميركيين في لبنان محصورة بتأمين مهام التدريب وان الزيارات التي يقومون بها الى «المناطق الساخنة» وعلى الجبهات انما هدفها الاطلاع على الاوضاع الميدانية ومدى قدرة الجيش على استخدام الاسلحة الاميركية لرفع تقاريرها الى قياداتها، والتي تؤدي دورا اساسيا في تحديد حجم المساعدات العسكرية المقدمة، مشيرة الى ان الاميركيين يتابعون عن كثب مجريات العمليات العسكرية في الجرود ويحرصون على الحصول على صورة واضحة عما يجري، وزياراتهم سواء الى الجبهة ام الى قيادة الجيش هي علنية.