IMLebanon

هكذا نكرِّم الشهيد الرئيس رفيق الحريري

 

منذ أربع عشرة سنة امتدت يد الغدر إلى قلب بيروت، لتنال من قامة لبنانية وعربية كبيرة وشامخة.. تداعياتها لا تزال تتفاعل كأنّ اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري حصل بالأمس. وهكذا، وفي مثل هذا اليوم من كل عام تعود ذكرى غياب عملاق السياسة اللبنانية، حاملةً معها شجون وأوجاع جرحٍ نازف غير مندمل.. هو بحقّ يومٌ حزين ولطخة ووصمة سوداء في تاريخنا الوطني.

كثيرةٌ هي التغيّرات التي أصابت لبنان منذ «الاغتيال – الزلزال»، أشياء كثيرة وأمور عديدة انقلبت إلى الأدهى والأسوأ.. هذا ليس لبنان الذي نحلم به، وليست الدولة التي نرتضيها لأنفسنا.. ولكن الحلّ ليس في النكوص، بل يكمن في المضي قدماً، والاستلهام من أفكار الرئيس الشهيد الجيّدة الايجابية الخلاقة في بناء دولة حقيقية.

لقد كان الرئيس رفيق الحريري قدوة في التمسّك بوحدة لبنان وقيم العيش المشترك والرؤية لمستقبل الأجيال، ونموذجاً لما يجب أنْ يكون عليه رجالات الدولة وقادتها التاريخيين، وأدرك معنى الصيغة اللبنانية ودقّتها وتشابكها، وإنّ السبيل لبناء الوطن يستوجب إعادة الإدماج السياسي بعد الحرب الاهلية الضروس، وإيجاد التوازن المناسب بين هوية وطنية جامعة، وبين فسيفساء تعدّدية دينية واجتماعية وثقافية وسياسية، وشدد على ضرورة تفاعل جميع اللبنانيين بمختلف توجهاتهم ضمن شرعية الدولة وتحت سقفها وعمل جاهداً لذلك.

وقد آمن الرئيس رفيق الحريري بلبنان دولة المؤسّسات والقانون والشرائع، فعمل على تدعيم المؤسسات وبناء آليات العمل الديموقراطي المنصوص عنها في الدستور، وسعى الى تعزيز القوى والأجهزة الأمنية الشرعية، كي تحمل مسؤولة أمن لبنان واللبنانيين على امتداد الوطن.

وقد انتهج سياسة الانفتاح على الجوار العربي والعالم، واستثمر طاقاته وعلاقاته الإقليمية والدولية من اجل وضع لبنان على الخارطة العالمية، وإعادته الى الموقع المتميّز في قلب العالم العربي، الذي أفقدته إياه سنوات الحرب العبثية، فشكّل ذلك سمة بارزة لعهده، عهد العمران والغرس وإعادة التأهيل.

إن اللبنانيين مدعوون الى أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم، ويكملوا مسيرة الشهيد الكبير ومشواره دون الغرق في الشخصانية أو التبعية العمياء، استجابة لنداء الرئيس الحريري وشعاره «ما حدا أكبر من بلده»، ومقولته «ما المهم مين بيبقى ومين بيروح.. المهم البلد»، وثَمّة حاجة ماسّة اليوم إلى استعادة هذه العبارات أكثر من أيّ وقت مضى.

ننحني تقديراً ومحبة لذكرى الشهيد الرئيس رفيق الحريري من كان لبنان عشقه الأكبر والأول والأخير، ونعاهده أن نكمل المشوار تكريماً لذكراه واقتناعاً بمبادئه.