Site icon IMLebanon

هذا هو لبنان…

لا بدَّ من الإتكاء على الواقعيَّة، والوضع اللبناني كما الأوضاع المحيطة به، عند تقويم المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية وما رافقها من متغيِّرات ومفاجآت.

فإلامَ الخلف بينكم إلامَ بالنسبة الى نتائج صناديق الاقتراع، سواء لناحية عدم الإقبال كالمعتاد، أم لجهة السفور غير المفاجئ للمظهر الطوائفي الذي ظهرت ملامحه في أكثر من دائرة، وخلف أكثر من ستارة؟

وهذه الضجة الكبرى علامَ؟ وعلامَ التحليلات والتشريحات في صدد مظاهر وأمور ومواقف هي من صميم واقع الحال، وليست جديدة لا على الانتخابات أياً يكن اسمها، ولا على الذين يسبقون “البربخت”، في سرعة ارتداء الألوان وتغييرها؟

هذا هو لبنان منذ كان صغيراً، ثم كبيراً. ومنذ كان تحت راية الانتداب الى أن أناخته الوصاية تحت أوامرها ورايتها وقراراتها.

وها هم اللبنانيون ذاتهم أنفسهم في كل حين، وفي كل موسم، وتحت أية راية كانوا: يوم اندماج كل الطوائف في وقفة واحدة، وعشرة من أيام أُخَر كل طائفة في وادٍ، وفي رأي.

في الخمسينات والستينات، حتى مطلع السبعينات، شهد لبنان اندفاعات شبابيَّة في اتجاه أحزاب عقائدية علمانيَّة، هذا صحيح. ولا تزال آثار تلك الأحزاب ماثلة الى يومنا هذا. غير أن لبنان الشعب بقي على حاله، وطناً طوائفياً تأخذه وتعيده عوامل محض خاصة، طائفية، شخصانيّة، مصلحيَّة…

إنما لا شيء ثابت الى الآن. لا بالنسبة الى الموالاة ولا الى المعارضة. كذلك الأمر على مستوى المؤسَّسات الدستورية، والمراكز الرئيسيَّة والوظائف، وخصوصاً سياسياً.

ولولا هذا الوضع الدائم التقلُّب والتغيُّر، لما كانت هديَّة بوسطة عين الرمانة التي ولدت مسلسل حروب قايين وهابيل، وفتحت في طريقها الأبواب والنوافد لـ”الآخرين” كي يصبحوا هم أهل البيت، فيما اللبناني ينتقل الى لائحة الضحايا.

إذاً، ما الداعي الى هذه الضجة المضحكة المبكية المملَّة التي أبى مثيروها إلا أن يحولوها قضيَّة خلافيَّة جديدة، قد تستهدف الانتخابات البلدية والاختيارية… والأجواء الإيجابيَّة المريحة التي ترافقها؟

أجل، لقد تغيَّرت مواقف كثيرين، مع تغيُّر ميزان المصالح بنسبٍ ومسافات مختلفة. وطبيعي أن يحصل هذا التقلُّب وهذا التغيُّر في مرحلة لبنانية مرشَّحة دوماً للانتقال من “فراغ شامل” الى “امتلاء كامل”. إن لم يكن اليوم أو غداً، فلا بدّ من موعد معه في يوم في شهر في سنة أو أقل أو…

لبنان بلد لم يتمكَّن حتى اللحظة من أن يصير وطناً. وهيهات. وخذوا أسراره وحقائقه من “أمثاله” لا من أقوال المتلونين: مَنْ أخذ أمي صار عمي. مطرح ما بترزق إلزق. جيبتي وطني. الإيد اللي ما فيك ليها بوسها وادعي عليها بالكسر.

في كل حال، ما حصل بداية مشجعّة.